ثبوتها ـ كما هو المفروض ـ مختصة بأحدهما ، بل يلازم حجية كل منهما تخييرا.
قوله ـ قدس سره ـ : ( ويحتمل أن يكون التخيير للمفتي ، فيفتي بما اختاره ، لأنه حكم للمتحير ، وهو المجتهد ) (١).
فيه أن كون التخيير حكما للمتحير مسلم لكن المتحير ليس المجتهد فحسب ، بل المقلد ـ أيضا ـ متحير ، فان تحيره في نفس الحكم الفرعي ، وفي أدلته ، وشرائط تلك الأدلة ، ومؤدياتها ، لا ينافي تحيره في الخبرين ، بل هو من هذه الجهة ـ أيضا ـ متحير ، لا يدري ما يصنع فيهما ، فيكون تحيره من هذه الجهة زائدا على تحيره من الجهات الاخر المذكورة ، فهو متحير في جميع جهات التحير للمجتهد ، التي منها تحيره في حكم الخبرين المتعارضين ، الّذي حكمه التخيير بينهما ، إلا أنه عاجز عن استعلام ذلك الحكم واستنباطه ، فإذا استنبطه المجتهد يكون ذلك حكما مشتركا بينه وبين المقلد.
اللهم الا أن يقال : إن مطلق الجاهل لشيء لا يسمى متحيرا في ذلك الشيء ، وإنما يصدق عليه هذا العنوان إذا كان مبتلى به ، ولا بد له من عمل فيه ، فينحصر في المجتهد (٢) ، إذ المقلد لمكان عجزه لا يلزمه التصدي لتعيين الطريق الفعلي من المتعارضين.
قوله ـ قدس سره ـ : ( فلو فرضنا أن راوي أحد الخبرين عند المقلد أعدل إلى قوله فلا عبرة بنظر المقلد ) (٣).
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٧٦٣.
(٢) وبعبارة [ أخرى ] إن المتحير هو ما يعبر عنه بالفارسية بـ ( درمانده ) وهو لا يصدق إلا على من ليس له بد من العمل مع جهله في كيفية العمل.
ألا ترى أن من لم يرد الذهاب إلى بغداد لكنه جاهل بطريقه لم يصدق عليه أنه متحير في طريق بغداد ، بل يقال له أنه جاهل به فحسب بخلاف من أراد الذهاب إليه مع جهله بطريقه فيصدق عليه انه متحير في طريقه. لمحرره عفا الله عنه.
(٣) فرائد الأصول ٢ : ٧٦٣.