الشيخ قدسسره في كتاب الطهارة (١) وفيما نقله عنه في التقريرات (٢) استشكل في عبادية بعض المقدمات كالطهارات الثلاث ، وقد استعظم هذا الاشكال واهتم به غاية الاهتمام ، ونحن لا نراه إلاّ عين الاشكال السابق في باب التعبدي والتوصلي ، وكان المرحوم العلاّمة المحقق السيد محمد الاصفهاني مصرّا على أن هذا الاشكال هو غير الاشكال السابق في التعبدي ، إلاّ أنه قدسسره لم يأت بشيء يوجب المغايرة بين الاشكالين.
قلت : الظاهر أنه إن قرر الاشكال فيما نحن فيه بطريق الدور كما أفاده الشيخ قدسسره في كتاب الطهارة كان عين الاشكال السابق ، وإن قرر كما في التقريرات من أن الأمر الغيري غير صالح للعبادية كان هذا الاشكال أجنبيا عن الاشكال السابق ، لكونه راجعا إلى وجود الأمر المصحح للعبادية لا إلى كيفية كونه عباديا بعد وجوده.
وعلى كل حال ، أنه لا يرد على مسلك شيخنا قدسسره بعد ما عرفت من شرحه ، ما أورده عليه في التقريرات المشار إليها من أنه لا يترتب عليه دفع الاشكال ، إذ انبساط الأمر النفسي على الشرائط ليس لملاك نفسي فيها كما اعترف بذلك هو قدسسره ، وإنما ذلك من جهة التخلص عن عدم إمكان تعلق الأمر بالتقيد ، فلا محالة يلتزم بتعلقه بأصل القيد الذي هو منشأ انتزاعه ، وعليه فلا يترتب على تعلق مثل هذا الأمر بها كونها عبادة (٣).
وفيه ما لا يخفى ، فان نفس التقيد مشتمل على الملاك ، وهو عين نفس القيد على ما عرفت من كونه مسببا توليديا عنه ، وأن جعل نفس القيد
__________________
(١) كتاب الطهارة ٢ : ٥٤.
(٢) مطارح الأنظار ١ : ٣٤٩ وما بعدها.
(٣) بدائع الأفكار ( للمحقّق الآملي قدسسره ) : ٣٨١.