فهو كما أنه ليس بمطلق من ناحية الاتصاف بتلك الإرادة لم تكن إرادتك قيدا في متعلقها فتأمل ، ولكن سيأتي إن شاء الله (١) الإشكال في هذا البرهان وأنه مغالطة صرفة.
وبهذا البيان يظهر الفرق بين التعبدي والتوصلي ، بلا حاجة إلى الالتزام بكون داعي الأمر قيدا في متعلقه كي يكون موردا للايرادات (٢) المذكورة.
وربما يشهد بذلك أو يؤيده : عدم الدليل الوافي على عبادية شيء من العبادات بما هو أزيد من ذلك المقدار ، كما أنّه لا يحتاج إلى تعدد الأمر كي يتوجه عليه الإشكالات في كل من الأمر الأول والأمر الثاني كما حررناه. نعم لازم ذلك هو كون جميع الأوامر معتبرا فيها الإتيان بمتعلقاتها بداعي الأمر إلا ما أخرجه الدليل ، وهذا لا بعد فيه ولا غرابة ، فانّ الإطاعة التي يحكم بها العقل هي عبارة عن الانبعاث عن الأمر بالإتيان بمتعلقه ، وأما نفس الفعل بداع آخر أو الواقع سهوا أو نسيانا فليس هو إلا من قبيل الاكتفاء بغير المأمور به ، لما عرفت من أن البعث إلى الفعل موجب قهري لتقيد ذلك الفعل بالانبعاث عن ذلك ، ففي جميع تلك الموارد لا يكون الاكتفاء به من باب أنه ينطبق عليه الفعل المأمور به ، بل إن الفعل بما أنه مأمور به لا ينطبق على تلك الأفعال ، غايته أنها تكون مسقطة للأمر باعتبار كونها وافية بمصلحة المأمور به ، أو رافعة لموضوع الأمر ونحو ذلك من موجبات السقوط.
__________________
(١) في صفحة : ٥٠٥ ـ ٥٠٦.
(٢) [ في الأصل : للارادات ، والصحيح ما أثبتناه ].