الأوامر لا يكون المنظور فيه مطلق الأوامر بل الأوامر من حيث وقوعها في الكتاب والسنة ، فالحيثية تقييدية توجب تضييق دائرة العروض في تلك المسائل ، وهكذا الحال في البحث عن رفع الفاعل في النحو الذي يكون موضوعه الكلمة ، فإن المنظور إليه في ذلك البحث هو الفاعل من حيث إنه مصداق الكلمة لا من حيث نفسه خصوص عنوان الفاعل ككونه مقدّما رتبة على المفعول ، فالحيثية هنا توجب توسعة موضوع القضية القائلة الفاعل مرفوع ، فهي توجب توسعة دائرة العروض.
لكن سيأتي (١) إن شاء الله تعالى أن القائل بهذا المسلك من أن المائز بين الذاتي والغريب هو التجوز وعدمه في راحة من هذا الاشكال ، أعني دخول هذه المسائل في موضوع الفن وإن كانت داخلة في موضوع فن آخر لأجل تعدد الغاية وترتب الغايتين على تلك المسألة.
البحث الثاني : هو أنّه بعد الفراغ عن كون الميزان في العرض الذاتي هو عروضه لنفس الذات عروضا حقيقيا ، فيخرج منه ما يعرضها تجوّزا باعتبار الاتصاف بحال المتعلق ، يقع الاشكال في العوارض المترتبة مثل الضحك الذي هو بالتعجب الذي هو بالادراك الذي هو باقتضاء الذات ، فيقال إن الادراك من العوارض الذاتية وكذلك التعجب ، لكون الأول باقتضاء الذات والثاني باقتضاء ما هو خارج عنها مساو لها ، لكن الاشكال في الثالث فإنه إنّما يلحق الذات بالعرض والمجاز بواسطة التعجب ، فيكون التعجب من قبيل الواسطة في العروض وإن كان الادراك بالقياس إلى التعجب من قبيل الواسطة في الثبوت ، وهذا البحث هو الذي تعرض له في تقريرات
__________________
(١) في صفحة : ٣٦.