ثمّ إنّه لا خفاء
في عدم اطّراد حدّ المفهوم وعدم انعكاس حدّ المنطوق ـ أيضا ـ لخروج المناطيق الغير
الصريحة بأسرها عن الثاني ، ودخولها كذلك في الأوّل ، حيث إنّها من المداليل
الالتزامية التي تفهم من اللفظ ، وينتقل منه إليها في غير محلّ النطق.
والفرق
المذكور لا يجدي في
إصلاحهما ، كما لا يخفى على المتأمّل ، إذ عليه ـ أيضا ـ يخرج دلالة الإشارة التي
هي من أقسام المنطوق الغير الصريح عن حدّ المنطوق ، وتدخل في حدّ المفهوم ، لعدم
كون الموضوع فيها مذكورا أصلا ، بل وعليه ينتقض حدّ المنطوق طردا ـ أيضا ـ بمفهوم
الموافقة ، لكون الموضوع فيها مذكورا.
ولو
فرّق بينهما بأنّ المفهوم ما
كان مخالفا للمنطوق نفيا وإثباتا فهو تحكّم بحت ، إذ المفهوم بالطريق الأولى الّذي
يعبّر عنه بمفهوم الموافقة من المفاهيم جدّاً من غير شبهة تعتريه ، مع أنّه موافق
للمنطوق نفيا وإثباتا.
وكيف كان فإطالة
الكلام بالنقض والإبرام في تصحيح الحدود خالية عن الطائل جدّاً بعد عدم ترتّب
فائدة مهمّة عليها ، مع أنّ الأهمّ يشغلنا عنه ، فالحريّ بذل الجهد في طلب الأهمّ
مستعينا بالله العظيم الأعظم والنبيّ الأكرم وآله وأوصيائه أئمّة الأمم صلواته
عليه وعليهم إلى يوم يعود ما في اللوح المحفوظ مما حفظه من القلم.
فاعلم
أنّ المراد بالحجّة المتنازع فيها في باب المفاهيم : إنّما هو ثبوت أصل المفهوم ، وهو الدلالة على الانتفاء
عند الانتفاء ، لا اعتباره وصحّة الاعتماد عليه بعد الفراغ عن أصله.
__________________