ثمّ إنّ الفور والتراخي هل هما من قيود الطلب ومن كيفيّاته ، فيكون الأوّل نظير تأكّد الطلب ، والثاني نظير رخصة الترك في الأمر الندبي ، بمعنى أنّ الطلب الفوري هو مرتبة من الطلب ، وهو ما لا يرضى الآمر معه بتأخير الفعل عن أوّل وقته ، وكذلك الطلب مع التراخي مرتبة منه ، وهو ما يكون الآمر معه راضيا بالتأخير ، كما أنّ الوجوب والندب مرتبتان منه ، فيكون للطلب مرتبتان من حيث الرضا بالترك وعدمه ، ومرتبتان من حيث الرضا بالتأخير وعدمه ، فيعبّر عنه من الجهة الأولى بالوجوب والندب ، ومن الجهة الثانية بالفور والتراخي ، أو هما من قيود المادّة المعروضة للطلب ومن كيفيتها ، وإن كان الدالّ عليهما الصيغة ، كما مرّ في مسألة المرّة والتكرار ، حيث جعلنا المرّة والتكرار على القول بهما من مفاد اللفظ ومن قيود المادّة.
وكيف كان فهما حينئذ لا بدّ أن يكونا بمعنى التعجيل والتأخير ، فيكون المراد بالأمر ـ على القول بكونه مقتضيا للفور ـ أنّه يجب الإتيان بالمأمور به عجلا ، وعلى القول بكونه للتراخي أنّه يجب موسّعا ومتراخيا.
وكيف كان ، فإن كان المراد بالفور هو عدم الرضا بالتأخير ، وبالتراخي الرضاء به ، فهما من قيود الطلب وكيفياته.
وإن كان المراد بالأوّل نفس التعجيل ، وبالثاني نفس التأخير ، فهما من قيود المادّة.
الظاهر هو الأوّل.
ويظهر الثمرة بين الاحتمالين في الفور في جواز الاحتياط واستصحاب الوجوب في الآن الثاني على تقدير الترك في الآن الأوّل (١) :
__________________
(١) يوجد في الأصل ـ بعد قوله : ( في الآن الأوّل ) ـ : ( فعلى أن يكون المراد ) ، والظاهر أنّه عدل عنها ، ولم يشطبها.