وتظهر الثمرة بين الاحتمالين ، فيما إذا علم بصدور الخطاب قبل زمن تعيّن اللفظ في المعنى الثاني ، فعلى القول بتقديم الاشتراك يكون الخطاب مجملاً ، لتردّده بين أن يكون المراد به المعنى الأوّل ، أو الثاني ، مع عدم القرينة ، وعلى ما اخترنا مبيّناً محمولاً على المعنى الأوّل .
وكذا فيما إذا جهل تاريخ النقل ، فإنّ الخطاب ـ حينئذٍ على ما اخترنا ـ يدخل في صغريات مسألة تعارض العرف واللّغة ، فيأتي فيه الأقوال الثلاثة ثمّة ، فتظهر الثمرة على القول بتقديم اللغة حينئذ ، فإنّ الخطاب على احتمال الاشتراك مجمل ، وعلى ما اخترنا من اتحاد المعنى [ مبيّن ] (١) ، فعلى هذا القول يحمل على المعنى الأوّل المهجور عنه اللفظ ، وأمّا على القول بالتوقف ثمّة فلا ثمرة .
هذا ، ثمّ إنّه لا يختصّ ثمرة الاحتمالين بما إذا كان اللفظ متعيّناً في المعنى الثاني عند العرف ، بل تظهر فيما إذا حصل عند أهل اللغة ، فالخطاب مع العلم بصدوره ـ قبل حصوله ـ محمول على المعنى الأوّل على ما اخترنا ، ومجمل على الاحتمال الآخر ، وكذا مع جهل تاريخ الصدور ، فإنّه على ما اخترنا يمكن حمله حينئذ على المعنى الأوّل ، تمسكاً بأصالة تأخر حصول وضع اللفظ للمعنى الثاني ، بخلاف الاحتمال الآخر ، إذ عليه وإن كان يجري أصالة تأخر تعين اللفظ في المعنى الثاني إلّا أنّه يوجب إجمال اللفظ حينئذ ، كما لا يخفى .
الفرض الثالث : إن علم باختصاص اللفظ ووضعه لمعنيين في الآن ، لكن يشك في أنّ وضعه لهما من الواضع ، وأنّهما المعنيان الابتدائيان ، فيكون مشتركاً بينهما لغة ، أو أن (٢) الذي وضع له هو في اللغة معنى ثالث نقل في العرف منه إليهما ، فيكون منقولاً إليهما ومشتركاً بينهما عرفاً .
مقتضى الأصل ، وفاقاً للشيخ محمّد تقي (٣) ( قدّس سرّه ) تقديم الاشتراك اللغوي ، فإنّ أصالة تأخر وضع اللفظ لهذين المعنيين ، وإن كان مقتضى الاشتراك العرفي ، إلّا أنّ في قبالها أصلين آخرين مقتضيين للاشتراك اللغوي ، وهما أصالة عدم وضع اللفظ للمعنى الثالث في اللّغة ، فإنّ أصالة تأخر الوضع مثبتة لوضع اللفظ لغة في
___________________________
(١) أثبتناها لاحتياج المعنى إليها ، وبدونها لا يتمّ .
(٢) في الأصل ( دون ) ولعله من سهو النسخ .
(٣) هداية المسترشدين : ٦٦ .