صورها ، وهو « أنّ حقيقة التذكية التي هى فعل المذكّى عبارة عن إزهاق الروح بكيفية خاصّه وشرائط مقرّرة ، وهى فري الأوداج الأربعة مع كون الذابح مسلماً ، وكون الذبح عن تسمية وإلى القبلة مع آلة خاصّة ، وكون المذبوح قابلاً للتذكية ، وعدم هذه الحقيقة بعدم الإزهاق بالكيفية الخاصّة والشرائط المقرّرة ، ولا إشكال في أنّ هذا الأمر العدمي على نحو « ليس » التامّة ليس موضوعاً للحكم الشرعي ، فإنّ هذا المعنى العدمي متحقّق قبل تحقّق الحيوان وفي زمان حياته ، ولم يكون موضوعاً للحكم ، وما هو الموضوع عبارة عن الميتة ، وهى الحيوان الذي زهق روحه بغير الكيفية الخاصّة بنحو الإيجاب العدولي ، أو زهوقاً لم يكن بكيفية خاصّة على نحو « ليس » الناقصة أو الموجبة السالبة المحمول وهما غير مسبوقين بالعدم فإنّ زهوق الروح لم يكن في زمان محقّقاً بلا كيفية خاصّة ، أو مسلوباً عنه الكيفية الخاصّة فما هو موضوع غير مسبوق بالعدم ، وما هو مسبوق به ليس موضوعاً له ، واستصحاب النفي التامّ لا يثبت زهوق الروح بالكيفية الخاصّة إلاّعلى الأصل المثبت » (١).
ويرد عليه : أنّ الواسطة في ما نحن فيه خفيّة وأنّ العرف يحكم باتّحاد مفاد ليس التامّة ومفاد ليس الناقصة ، وإلاّ يلزم نفس الإشكال حتّى بالنسبة إلى مورد أخبار الاستصحاب وهو الوضوء ، إذ إنّ الوضوء في حدّ ذاته لا يترتّب عليه أثر ولا يكون موضوعاً للحكم الشرعي ، بل الموضوع عبارة عن الصّلاة المقيّدة بالطهارة ، فيلزم أن تثبت الصّلاة مع الطهارة باستصحاب الطهارة بما هى هى ، فيكون مثبتاً مع أنّه لا يلتزم به أحد.
وإن شئت قلت : موضوع الحكم هنا ( مورد أخبار الاستصحاب ) هو مفاد كان الناقصة أي كون الصّلاة متّصفة بالطهارة ، مع أنّ الاستصحاب فيه هو مفاد كان التامّة أي بقاء الطهارة ، فكما أنّ الاستصحاب بعنوان مفاد كان التامّة يكفي عمّا هو مفاد كان الناقصة ، فكذلك الكلام بالنسبة إلى مفاد ليس التامّة وليس الناقصة.
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٢٢٢ و ٢٢٣ ، طبع جماعة المدرّسين.