فقهيّة ، وذلك لأنّه أمر حادث في مصطلح الفقهاء لم يرد في آية ولا رواية ولا معقد إجماع إلاّفي مرسلة الإحتجاج عن أبي محمّد العسكري عليهالسلام : « فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه ، حافظاً لدينه مخالفاً لهواه ، مطيعاً لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلّدوه » (١).
لكنّها مضافاً إلى ضعفها من ناحية السند مؤيّدة لما ذكرنا لأنّ الذمّ الوارد فيها إنّما هو على عملهم بفتاوي من لا يوثق به من علماء أهل الكتاب.
نعم ، عن محمّد بن عبيدة قال : قال لي أبو الحسن عليهالسلام : « يامحمّد أنتم أشدّ تقليداً أم المرجئة؟ قال : قلت : قلّدنا وقلّدوا ، فقال : لم أسألك عن هذا ، فلم يكن عندي جواب أكثر من الجواب الأوّل ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : أنّ المرجئة نصبت رجلاً لم تفرض طاعته وقلّدوه ، وأنّكم نصبتم رجلاً وفرضتم طاعته ثمّ لم تقلّدوه ، فهم أشدّ منكم تقليداً » (٢).
ولكنّها ـ مع قطع النظر عن وجود سهل بن زياد في سندها ـ أيضاً خارجة عن محلّ البحث وهو التقليد عن غير المعصوم ، مضافاً إلى أنّه ظاهر أيضاً في كون التقليد هو العمل لأنّ شكوى الإمام عليهالسلام إنّما هو على ترك العمل بأقواله وهداياته.
وهكذا ما جاء في بعض معاقد الإجماعات من أنّه « لا يجوز تقليد الميّت إجماعاً » لأنّه سيأتي أنّ الإجماع في باب التقليد لا أقلّ من كونه محتمل المدرك ، فالظاهر أنّ منشأه هو بناء العقلاء ، مضافاً إلى كونه من إجماع المتأخّرين الذي لا يكشف عن قول المعصوم عليهالسلام تعبّداً.
وربّما يقال : إنّ ثمرة البحث عن مفهوم التقليد تظهر في مسألتي البقاء على تقليد الميّت ، والعدول من حي إلى غيره ، فإنّا إذا فسّرناه بالإلتزام وفرضنا أنّ المكلّف التزم بالعمل بفتوى مجتهد ثمّ مات ذلك المجتهد فله أن يعمل على فتاواه لأنّه من قبيل البقاء على تقليد الميّت ، وليس تقليداً ابتدائياً له ، وهذا بخلاف ما إذا فسّرناه بالاستناد إلى فتوى المجتهد في مقام العمل لأنّه حينئذٍ من قبيل تقليد الميّت ابتداءً لعدم استناد المكلّف إلى شيء من فتاوي المجتهد الميّت حال حياته في مقام العمل.
وهكذا في مسألة العدول من حي إلى غيره ، لأنّه إذا التزم بالعمل بفتيا مجتهد ، وفسّرنا التقليد بالالتزام حرّم عليه العدول عن تقليده لأنّه قد قلّده تقليداً صحيحاً ولا مرخّص له
__________________
(١) وسائل الشيعة : الباب ١٠ ، من أبواب صفات القاضي ، ح ٢٠.
(٢) المصدر السابق :