أمّا الأمر الأوّل : فلما مرّ في بيان بطلان الاجتهاد بمعنى التشريع والتقنين من ناحية المجتهد إجمالاً ، وتفصيله : إنّا نقول : كلّ ما يحتاج إليه الامّة إلى يوم القيامة فقد ورد فيه حكم ، والدليل عليه :
أوّلاً : كتاب الله الكريم أي قوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) (١) ، وقوله تعالى : ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ) (٢) وقوله تعالى : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ ) (٣) ، فلو كانت بعض الوقائع خالية عن الحكم لما كان الدين كاملاً ، والنعمة تامّة ، ولم يكن الكتاب تبياناً لكلّ شيء ( لأنّه لو لم يكن تبياناً للمسائل الجزئيّة الخارجيّة كمسائل العلوم الفلكيّة والطبيعيّة ونحوهما فلا أقلّ من كونه تبياناً للمسائل الكلّية الشرعيّة ) ، بل كان الدين ناقصاً فاستعان سبحانه ( العياذ بالله ) من خلقه على إتمامه وإكماله ، ولزم من ذلك مفاسد جمّة سنشير إليها.
وثانياً : الروايات الكثيرة الواردة من ناحية أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، وهى على طوائف أربعة :
الطائفة الاولى : حديث الثقلين الذي تواتر نقله بين الفريقين ، فإنّه روى باسناد عديدة في الكتب المعروفة من الشيعة وأهل السنّة ، وينبغي نقل واحدٍ منها من باب التيمّن والتبرّك ، وهو ما ورد في صحيح الترمذي قال : « حدّثنا نصر بن عبدالرحمن الكوفي حدّثنا زيد بن الحسن وهو الأنماطي عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جابر بن عبدالله قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله في حجّته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول : يا أيّها الناس إنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي » (٤).
ومن أراد الوقوف على مجموعها فليراجع إلى جامع أحاديث الشيعة ، ج ١ ، الباب ٤ ، ح ١٨٩ إلى ح ٢٠٩.
ولا إشكال في أنّه نصّ على كفاية الرجوع إلى كتاب الله والعترة ليؤمن عن الخطأ ولا
__________________
(١) سورة المائدة : الآية ٣.
(٢) سورة الأنعام : الآية ٣٨.
(٣) سورة النحل : الآية ٨٩.
(٤) جامع أحاديث الشيعة : ج ١ ، الباب ٤ ، ح ٢٠٢.