فيه تحصيل القطع
والمعرفة به ، ومن المعلوم أنّ الاستصحاب ممّا لا يجدي في حصولها. وحينئذٍ لابدّ
لجريانه في هذا القسم من ترتّب أثر شرعي عليه ، فهذا القسم من الامور الإعتقاديّة
كسائر الموضوعات لابدّ في جريانه فيها من أن يكون في المورد أثر شرعي.
الثاني
: فيما ينقدح ممّا
ذكر في المقام الأوّل ، وهو أنّه لا مجال للاستصحاب في نفس النبوّة إذا كانت ناشئة
من كمال النفس بمثابة يوحى إليها ، لعدم الشكّ في بقائها ، لكونها ممّا لا تزول
بعد اتّصاف النفس بها لعدم كونها مجعولة شرعاً بل إنّها من الصفات الخارجيّة
التكوينيّة ، ولو فرضنا إمكان زوالها وعروض الشكّ عليها فلا يترتّب عليها أثر شرعي
مهمّ حتّى نستصحبها ، نعم لو كانت من المناصب المجعولة كالوكالة كانت بنفسها
مورداً للاستصحاب ، ولكن يحتاج الاستصحاب حينئذٍ إلى دليل غير منوط بتلك النبوّة
وغير مأخوذ من ذلك الشرع ، وإلاّ لزم الدور كما لا يخفى ، وهكذا إذا كان المراد من
استصحابها استصحاب بعض أحكام شريعة من اتّصف بالنبوّة السابقة فلا إشكال في جريانه
أيضاً.
الثالث
: فيما يترتّب على
المقامين الأوّلين ، وهو أنّه لا موقع لتشبّث الكتابي باستصحاب نبوّة موسى عليهالسلام أو عيسى عليهالسلام أصلاً ، لا الزاماً للمسلم ولا إقناعاً به.
أمّا إلزاماً
للمسلم فلعدم شكّه في بقاء نبوّة موسى عليهالسلام أو عيسى عليهالسلام بل هو متيقّن بنسخها وإلاّ فليس بمسلم ، وبعبارة اخرى : أنّ المسلم ما لم يعترف بأنّه كان على يقين سابق فشكّ لم
يلزم به.
وأمّا
إقناعاً فلوجهين : أحدهما : لزوم معرفة النبي عقلاً بالفحص والنظر في حالاته ومعجزاته ، لما عرفت من أنّ
النبوّة هى من الامور الإعتقاديّة التي يجب فيها بحكم العقل تحصيل القطع والمعرفه
به يقيناً ، ومن المعلوم أنّ استصحاب النبوّة هو ممّا لا يجدي في حصولها.
ثانيهما
: أنّه لا دليل على
التعبّد ببقائها عند الشكّ فيه لا عقلاً ولا شرعاً ، أمّا عقلاً فواضح ، إذ ليس
الحكم بالبقاء عند اليقين بالحدوث من مستقلاّت العقل ، وأمّا شرعاً فلأنّ الدليل
الشرعي إن كان هو من الشريعة السابقة فاستصحاب النبوّة السابقة بسببه ممّا يستلزم
الدور ، وإن كان من الشريعة اللاحقة فيستلزم الخلف ( انتهى كلامه بتوضيح منّا ).
أقول
: أوّلاً : كان ينبغي أن
يشير المحقّق الخراساني رحمهالله إلى الوجه الصحيح من بين الوجوه الثلاثة التي ذكر في تفسير
النبوّة ، وحيث إنّه لم يذكر مختاره فيه فنقول : أمّا المعنى الأوّل ( وهو