ثانياً : سلّمنا ، ولكن يعتبر في حكومة الأصل السببي على المسبّبي أن يكون المسبّب من الآثار الشرعيّة للسبب ، بينما تكون السببيّة والمسبّبية في المقام عقلياً على فرض قبولها.
وثالثاً : إنّا نمنع كون الشكّ في بقاء الكلّي وعدمه مسبّباً عن الشكّ في حدوث الفرد الطويل ، بل أنّه مسبّب عن أنّ الحادث المعلوم حدوثه هل هو الفرد القصير المعدوم حتّى يكون الكلّي معلوم الارتفاع ، أو هو الفرد الطويل حتّى يكون معلوم البقاء؟ أي الشكّ في بقاء الكلّي مسبّب عن دوران الفرد بين القصير والطويل.
وبعبارة اخرى : أنّ الكلّي ينعدم بانعدام جميع أفراده ، فيكون عدم الكلّي مسبّباً عن عدم الفرد الطويل والقصير معاً ، لا مسبّباً عن خصوص عدم فرده الطويل.
وبعبارة اخرى : إنّ الكلّي ينعدم بانعدام جميع أفراده فيكون عدم الكلّي مسبّباً عن عدم فرد الطويل والقصير معاً ، لا مسبّباً عن خصوص عدم فرده الطويل.
ولكنّه غير تامّ لأنّ المفروض أنّ زمان جريان استصحاب الكلّي ما إذا علمنا بإنعدام الفرد القصير ، فالشكّ في بقائه ناشٍ من الشكّ في حدوث الفرد الطويل وعدمه ، فإن كان الطويل حادثاً كان الكلّي باقياً ، وإلاّ فلا ، من غير دخل لحدوث القصير وعدمه ، فتدبّر جيّداً.
الوجه الثالث : أنّ من شرائط حجّية الاستصحاب وحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوكة ، أي تعلّق اليقين والشكّ بشيء واحد ، وهذا في المقام غير حاصل ، لأنّ وجود الكلّي ضمن أحد أفراده غير وجوده ضمن فرد آخر ، فإنّ نسبة الكلّي إلى افراده نسبة الآباء إلى الأبناء ، لا نسبة أب واحد إلى أبناء متعدّدين ، وحينئذٍ يصير الاستصحاب من قبيل استصحاب الفرد المردّد ، وهو غير حجّة.
واجيب عنه أوّلاً : بأنّه « إنّما يرد ذلك بعد تسليم كون الطبيعي مع الأفراد كذلك عرفاً لو أردنا استصحاب الفرد المردّد دون ما إذا أردنا استصحاب الكلّي ، فإنّ المعلوم هو حيوان خارجي متشخّص يكون الكلّي موجوداً بوجوده ، وشكّ في بقاء ذاك الحيوان بعينه فلا إشكال في جريان الأصل فيه » (١).
ويمكن الجواب عنه ثانياً : بما مرّ من أنّ هذا القسم من الكلّي في الحقيقة إلى استصحاب
__________________
(١) رسائل الإمام الخميني قدسسره : ج ١ ، ص ١٢٧.