إحداهما بالاخرى إن شاء الله » (١).
الثانية : ما رواه محمّد بن حفص عن رجل عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « سألته عن قوم كانت لهم عيون في أرض قريبة بعضها من بعض ، فأراد رجل أن يجعل عينه أسفل من موضعها الذي كانت عليه ، وبعض العيون إذا فعل بها ذلك أضرّ بالبقية من العيون وبعضها لا يضرّ من شدّة الأرض ، قال : فقال : ما كان في مكان شديد فلا يضرّ ، وما كان في أرض رخوة بطحاء فإنّه يضرّ ، وإن عرض رجل على جاره أن يضع عينه كما وضعها وهو على مقدار واحد قال : إن تراضيا فلا يضرّ ، وقال : يكون بين العينين الف ذراع » (٢).
والمستفاد من هاتين الروايتين عدم جواز الإضرار بالغير وإن كان منشأه تصرّف الإنسان في ملكه ، نعم مقتضى خصوصية المورد اختصاص الحكم بباب حريم البئر وعدم جواز التعدّي إلى غيره ، ولكن يمكن الغائها عرفاً واسراء الحكم إلى مطلق موارد الإضرار بالغير ، ولا أقلّ من جوازه إلى غير البئر من سائر الجيران والأملاك المتقاربة ، وحينئذٍ تكون الروايتان حاكمتين على عموم الناس مسلّطون على أموالهم.
وقد ورد في كتاب إحياء الموات في باب حريم البئر بحث عنونه الفقهاء في أنّ الميزان في حريم العيون والقنوات هل هو مطلق عدم الاضرار ، أو مقدار الف ذراع في الأرض الرخوة وخمسمائة ذراع في الأرض الصلبة؟
مقتضى الاطلاق في الرواية الاولى بل صريحها هو الأوّل ، وهو المحكي عن الأسكافي والمختلف والمسالك ، ومدلول الرواية الثانية هو الثاني ، وهو مذهب المشهور ، ولقائل أن يقول بكفاية أحد الأمرين : البعد بالمقدار المذكور في الرواية الثانية ، أو العلم بعدم تضرّر الجار ، الذي يستفاد من الرواية الاولى.
ومنها : وما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبدالله عليهالسلام في رجل أتى جبلاً فشقّ فيه قناة فذهبت الآخر بماء قناة الأوّل. قال : فقال : « يتقاسمان ( يتقايسان ) بحقائب (٣) البئر ليلة ليلة
__________________
(١) وسائل الشيعة : كتاب إحياء الموات ، الباب ١٤ ، ح ١.
(٢) المصدر السابق : الباب ١٣ ، ح ١.
(٣) في هامش الوسائل : ج ١٧ ، ص ٣٤٤ : هكذا أورده المجلسي رحمهالله في مرآة العقول ، وتكلّف في تفسير