ومشكوكهما
وموهومهما سواء كان من الأخبار أو من سائر الأمارات الظنّية أو من أي سبب آخر لا
يبقى علم إجمالي آخر في البين وينعدم ، وهذا علامة انحلال العلم الإجمالي الأكبر
بالكبير ، وأمّا الكبير فلا ينحلّ بالصغير ، لأنّه لو عزلنا بمقدار المعلوم
بالإجمال من أطراف العلم الإجمالي الصغير ـ أي الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة
ـ وضممنا الباقي إلى باقي الأطراف من العلم الإجمالي الكبير ، أي سائر الأمارات
الظنّية ، لكان العلم الإجمالي باقياً ، وهذا علامة عدم انحلاله .
الوجه
الثاني : وهو ما حكي عن
صاحب الوافية من أنّه لا شكّ في تكليفنا بالأحكام الشرعيّة وخصوصاً الواجبات
الضروريّة مثل الصّلاة والصّوم والحجّ والزّكاة وغير ذلك من الضروريات ، ولا شكّ
أيضاً في بقاء التكليف بهذه الامور إلى قيام يوم القيامة ، ومن المعلوم أنّ أجزاء
هذه الامور وشرائطها وموانعها لا تثبت إلاّبالخبر الواحد الموجود في الكتب ، ولو
لم يكن حجّة وجاز ترك العمل به لخرجت هذه الامور عن حقائقها وما كنّا نعرف أنّ هذه
الامور ما هي؟ وهذا ينافي كونها ضروريّة وبقاء التكليف بها إلى يوم القيامة.
أقول
: إنّ كلامه هذا
مشتمل على مقدّمتين : الاولى
: كون سلسلة من
العبادات واجبة بضرورة من الدين إلى يوم القيامة ، الثانية : أنّ لها أجزاء وشرائط مبثوثة في كتب الأخبار.
ويرد
عليه :
أوّلاً
: أنّه لا فرق بينه
وبين الوجه السابق إلاّ أن دائرته أضيق منه مع أنّه لا دليل على هذا التضييق لأنّا
نعلم بدخول غير العبادات أيضاً في أطراف العلم الإجمالي.
وإن
شئت قلت : لازم كلامه
انحصار حجّية خبر الواحد بالعبادات وعدم حجّيته في مثل المعاملات والحدود والديّات
، وهو كما ترى.
وثانياً
: ما مرّ في الجواب
عن الوجه الأوّل من أنّ هذا الدليل لا يثبت إلاّلزوم الأخذ بخبر الواحد من باب
الإحتياط لا الحجّية بالمعنى الذي يكون مخصّصاً للعمومات ومقيّداً للمطلقات والذي
لأجله يكون الإسناد إلى الله تعالى جائزاً.
وثالثاً
: عدم شمولها
للأخبار النافيّة واختصاصها بالمثبتة.
__________________