ذات العمل صلاة واتّصافها باللعب والعبث باعتبار صدورها عن داعٍ نفساني شهواني ومع فرض صدورها عن داع الأمر المستقلّ في الدعوة لا معنى لتعنون ذات الصّلاة باللعب والعبث ، وأمّا الرابع فبأنّ اتّصاف المأتي به بداع الأمر بوصف اللعب والعبث بأن يكون الداعي إلى جعل الأمر داعياً غرضاً نفسانياً غير عقلائي والمفروض أنّ داعيه إلى امتثال أمر المولى ما هو الداعي في غيره من توقّع الثواب أو تحصيل مرضات المولى أو غيرها » (١).
أقول : الحقّ عدم الحاجة إلى هذا التفصيل بل روح الكلام والعمدة في المقام هو ما ذكرنا من أنّ التكرار لا يكون لعباً إذا نشأ من دواع عقلائيّة.
أمّا الدليل الرابع : وهو اعتبار قصد الوجه ففيه : أوّلاً : أنّه قد ثبت في محلّه عدم اعتباره في صحّة العبادة.
وثانياً : لو سلّمنا اعتباره فإنّه حاصل في المقام لأنّه على قسمين : قصد الوجه الغائي وقصد الوجه الوصفي ، والغائي حاصل في المقام لأنّ صلاته إنّما هي لغاية وجوب تلك الصّلاة الواجبة إجمالاً ، وكذلك الوصفي لأنّه بصدد الإتيان بالصلاة المتّصفة بالوجوب المتردّد بين الأربعة.
وأمّا قصد التمييز فهو ممّا لا دليل على اعتباره إلاّفي مورد واحد ، وهو ما إذا توقّف عليه حصول عنوان من العناوين القصديّة ، حيث إن العنوان القصدي لا يحصل إلاّبتمييزه عن سائر العناوين كما إذا اشتغل مثلاً ذمّة المكلّف بصيام يوم للكفّارة وبصيام يوم آخر للنذر وبصيام يوم ثالث للقضاء ، وكلّ واحد من هذه الثلاثة عنوان من العناوين القصديّة يحتاج تحقّقه في الخارج إمّا إلى تمييز تفصيلي له بالنسبة إلى سائر العناوين كما إذا قال مثلاً : أصوم للكفّارة ، أو تمييز إجمالي كما إذا نوى ما اشتغلت به ذمّته أوّلاً ، وأمّا في غير هذه الصورة فلا يجب التمييز لا إجمالاً ولا تفصيلاً بل يكفي قصد ما في الذمّة ، وما نحن فيه من هذا القبيل كما لا يخفى.
ثالثاً : أنّه لم يأت بدليل على مقالته إلاّما إفاده من أنّ التحرّك عن الأثر متأخّر عن التحرّك عن العين ، وهذا ما لا محصّل له لأنّه إن كان المراد منه التأخّر في عالم الخارج فهذا مسلّم لكنّه لا يثبت المدّعى ، وإن كان المراد التأخّر في الداعويّة والبعث فهو أوّل الكلام لأنّه ربّما يتحرّك الإنسان عن الأثر من دون أن يتحرّك عن العين كما إذا أمر الطبيب بالحمية فنهى عن أكل
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٢ ، ص ٣٩.