المخالف للكتاب هو غير مخالفة العموم والخصوص مطلقاً قطعاً ، وذلك للعلم بصدور أخبار كثيرة مخالفة للكتاب بالعموم والخصوص إجمالاً وجريان السيرة القطعيّة وقيام الإجماع على العمل بها في مقابل عمومات الكتاب ، ولا يكون ذلك إلاّلتخصيص المخالفة التي هي موضوع الأخبار الآمرة بطرح الخبر المخالف للكتاب بالمخالفة على نحو التباين وإخراج المخالفة بالعموم والخصوص مطلقاً عن المخالفة ، إذن فالأخبار الآمرة بردّ المخالف محمولة على المخالفة على نحو التباين وإلاّ فهي آبية عن التخصيص.
أقول : هذا الجواب أيضاً حسن إلاّ أنّه يرد عليه إشكال أورده شيخنا الأعظم الأنصاري رحمهالله وأجاب عنه وسيأتي بيانه.
الوجه الثالث : أنّ المراد من هذه الأخبار أنّهم لا يقولون خلاف القرآن ثبوتاً وواقعاً وأمّا خلافه إثباتاً وظاهراً ولو بنحو التباين الكلّي فضلاً عن العموم والخصوص مطلقاً أو من وجه شرحاً لمرامه تعالى وبياناً لمراده فكثيراً ما يقولون به.
ولكنّه غير تامّ ، لأنّ ظاهر الأخبار أنّ موافقة الكتاب جعلت معياراً لصدق الخبر في مقام الظاهر ، أي بعد عرضه على ظاهر الكتاب ، إذ العرض على واقعه غير ممكن لنا. ولعلّ المحقّق الخراساني رحمهالله أشار إليه بعد بيان هذا الوجه بقوله « فافهم ».
ولكن هيهنا إشكالان :
أحدهما : أنّ إخراج المخالفة بالعموم والخصوص المطلق من الأخبار الآمرة بطرح المخالف للكتاب واختصاصها بالمخالفة على نحو التباين يستلزم بقاءها بلا مورد ، لأنّا لم نظفر على خبر مخالف على هذا الوجه.
وأجاب الشيخ الأعظم الأنصاري رحمهالله عن هذه المشكلة في رسائله بما حاصله : أنّ عدم الظفر على المخالف بالتباين الآن ، أي بعد تنقيح الأخبار وتصفيتها مرّات عديدة بأيدي أكابر أصحاب الحديث وضبطها في الاصول الأربعمائة ثمّ في الاصول الأربعة لا يلازم عدم وجوده فيما قبل.
أقول : بل يوجد الآن أيضاً بين الأخبار روايات في بعض جوامع الحديث كالبحار للعلاّمة