العرب وملك الروم والفرس ، فتركه عمر وانصرف مستهينا بكلامه ، فكان (١) عمر يحدث بعد ذلك ، ويقول : تبعني ذلك الرومي (٢) راكب حمار فلم يزل معي حتى باع الوليد متاعه وابتاع بثمنه عطرا وثيابا ، وقفل إلى (٣) الحجاز ، والرومي يتبعني ، لا يسألني حاجة ويقبل يدي كل يوم إذا أصبحت كما يقبل يد الملك ، حتى خرجنا من حدود الشام ودخلنا في أرض الحجاز راجعين إلى مكة ، فودعني ورجع ، وكان الوليد يسألني عنه فلا أخبره ، وما أراه إلا هلك ، ولو كان حيا لشخص إلينا (٤).
أقول : أعسر أيسر .. أي كان يعمل بيديه جميعا ، والذي عمل بالشمال فهو أعسر (٥). وإخبار الرومي إما من جهة الكهانة ، أو كان قرأ في الكتب أوصاف فراعنة هذه الأمة ومن يغصب حقوق الأئمة ، فإنه كما كانت أوصاف أئمتنا عليهمالسلام مسطورة في الكتب كانت أوصاف أعدائهم أيضا مذكورة فيها ، كما يدل عليه أخبارنا ، ولذا كان يقبل يديه لأنه كان يعلم أنه يخرب دين من ينسخ أديانهم كما قبل إبليس يد [ فلان ] في أول يوم صعد منبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم واستبشر بذلك ، وهذه الأخبار صارت باعثة لإسلامه وصاحبه ظاهرا ، طمعا في الملك كما ذكره القائم عليهالسلام لسعد بن عبد الله (٦) ، ولذا أخبره بالملك لا بالخلافة والرئاسة الدينية (٧)
__________________
(١) في شرح النهج : وكان.
(٢) زيادة : وهو ، جاءت في المصدر.
(٣) أي : رجع.
(٤) أورده شيخنا المجلسي ـ رحمهالله ـ مفصلا في البحار ٥٤ ـ ٨٦ ، فراجع.
(٥) انظر : لسان العرب ٤ ـ ٥٦٥ ، والصحاح ٢ ـ ٧٤٥ وفيهما : أعسر يسر.
(٦) الاحتجاج للطبرسي : ٢ ـ ٢٦٩ ، طبعة النجف ( ٢ ـ ٤٦١ ـ طبعة إيران ).
(٧) وأورد أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي النحوي ـ المتوفى سنة ٣٣٧ ه ـ في أماليه بإسناده عن عمر بن الخطاب قال : خرجت مع أناس من قريش في تجارة إلى الشام في الجاهلية ..
وجاءت في آخره : فانتهيت إلى دير فاستظللت في فنائه ، فخرج إلي رجل ـ ثم ذكر ـ أنه كان من أعلم أهل الكتاب ، وأخبره : أنه يجد صفته ، وأنه يخرجه من الدير ويغلب عليهم ، فأخذ منه كتابا إذا صار خليفة لا يخرجه من الدير ولا يكدر عليه .. إلى آخره.