أحدها : ما ذهب إليه المشهور وهو أنّ المجاز استعمال اللفظ في غير ما وضع له بالعلاقة.
ثانيها : قول السكّاكي وهو التفصيل بين مجاز الاستعارة وغيرها ، ففي الأوّل قال يكون المجاز استعمالاً للفظ في نفس الموضوع له لكنّه في مصداقه الادّعائي ، فيكون المجاز حينئذ تصرّفاً في أمر عقلي لا في الكلمة ( والمراد من التصرّف في الأمر العقلي جعل ما ليس بفرد فرداً له ادّعاءً ) وفي الثاني ذهب إلى مثل ما اختاره المشهور.
ثالثها : ما أفاده بعض المحقّقين ممّن قارب عصرنا وهو الشّيخ محمّد رضا الإصفهاني في كتابه الموسوم بوقاية الأذهان. فإنّه ذهب إلى كون المجاز استعمالاً للفظ في الموضوع له مطلقاً سواء كان من قبيل مجاز الاستعارة أو المرسل وسواء كان مفرداً أو مركّباً وسواء كان في الكنايات أو غيرها.
أقول : الظاهر أنّ هذا المحقّق رحمهالله قد وسّع مقالة السكّاكي وإن قال في تهذيب الاصول إنّهما مذهبان متباينان.
وكيف كان ، فقد استدلّ السكّاكي على مختاره بأشعار من العرب نظير قوله : « قامت تظلّلني ومن عجب ـ شمس تظلّلني من الشمس » حيث إنّه لولا ما ذكره لما صحّ التعجّب كما لا يخفى.
ولكن أُورد عليه بأمرين :
الأوّل : أنّه إذا كان استعمال اللفظ الكلّي نحو « أسد » في خصوص أحد مصاديقه الحقيقة بقيد الخصوصيّة استعمالاً مجازيّاً في غير الموضوع له ( لأنّه لم يوضع لخصوص ذلك المصداق بل وضع للماهيّة اللابشرط معرّاة عن جميع القيود الفرديّة ) فليكن استعماله في خصوص الفرد الادّعائي أيضاً مجازاً بالأولويّة القطعيّة.
الثاني : أنّ كلامه لا يصدق في الأعلام الشخصيّة مثل « حاتم » في قولك « زيد حاتم » لأنّ العلم الشخصي جزئي حقيقي لا يمكن ادّعاء مصداق آخر له ، وحينئذٍ يكون استعمال لفظ « حاتم » في جملة « زيد حاتم » استعمالاً للفظ في غير الموضوع ، له وهو كما ترى.
أقول : يمكن الجواب عن كلّ واحد منهما ، أمّا عن الأوّل فبأنّ ظاهر كلام السكّاكي أنّ مراده من استعمال اللفظ في المصداق الادّعائي تطبيق مفهوم كلّي نحو « الأسد » على فرده الادّعائي نظير تطبيق الرجل الكلّي على بعض أفراده الحقيقيّة في قولك « هذا رجل » فهو من باب تطبيق