داخل الوقت أو يحتاج وجوبه إلى دليل خاصّ؟ وبعبارة اخرى : هل القضاء تابع للأداء ، أو يكون بأمر جديد؟
لا إشكال في أنّ هذه المسألة تعدّ من القواعد الفقهيّة ولا تكون من المسائل الفقهيّة ولا من المسائل الاصوليّة ، لأنّ النزاع إنّما هو في وجوب قضاء كلّي الواجب ( أي واجب كان ) إذا فات في وقته ، فيكون الحكم فيه كلّياً لا يختصّ بباب دون باب ، فلا تكون مسألة خاصّة من الفقه ، فينطبق عليه تعريف القاعدة الفقهيّة وهو الحكم الكلّي الشرعي الذي لا يختصّ بباب دون باب ، ولا تكون مسألة اصوليّة لأنّ ملاكها وقوعها في طريق الحكم الشرعي ، والحال أنّ المسألة حكم شرعي بنفسها.
وكيف كان ففي المسألة أقوال كثيرة ، والمهمّ منها ثلاث :
القول الأوّل : وجوب القضاء بالأمر الأوّل أي تبعيّة القضاء للأداء مطلقاً.
القول الثاني : حاجته إلى أمر جديد ، أي عدم التبعيّة مطلقاً.
القول الثالث : ما أفاده المحقّق الخراساني رحمهالله في الكفاية من التفصيل بين ما إذا كان التوقيت بدليل منفصل ولم يكن له إطلاق على التقييد بالوقت وكان لدليل الواجب إطلاق فتكون قضيّة الإطلاق ثبوت وجوب القضاء بعد انقضاء الوقت أي تبعيّة القضاء للأداء ، وبين ما إذا ارتفع إحدى هذه القيود الثلاثة فيحتاج وجوب القضاء إلى أمر جديد.
أقول : لا بدّ من طرح البحث هنا أيضاً في مقامين : مقام الثبوت ومقام الإثبات.
أمّا مقام الثبوت : فالصحيح أن يقال : إن كان التقيّد بالوقت على نحو وحدة المطلوب ، أي كان المطلوب الصّلاة المأتي بها في الوقت مثلاً ، فلابدّ لوجوب القضاء في خارج الوقت إلى أمر جديد ، لأنّه بعد مضيّ الوقت يرتفع الطلب وهو واضح ، وأمّا إن قلنا بكون المطلوب متعدّداً ، أي كان أصل الصّلاة مطلوباً وكان إتيانه داخل الوقت مطلوباً آخر ، فلا إشكال في بقاء وجوب الصّلاة بعد مضيّ الوقت ، أي في بقاء المطلوب الأوّل على حال وجوبه بعد عدم الإتيان بالمطلوب الثاني.
وأمّا مقام الإثبات : فهو تابع للسان الأدلّة ، فإن فهمنا من لسان الدليل وحدة المطلوب فيسقط الأمر الأوّل بعد إتمام الوقت ، وإن فهمنا منه تعدّد المطلوب كان الطلب باقياً بالنسبة إلى أصل الواجب ، وطريق فهم تعدّد المطلوب تارةً يكون بالشرائط الثلاثة المذكورة في كلام