الواجب ، وأمّا ما لا يقع في سلسلة علّته ويكون وجوده خارجاً مفارقاً عن وجود الواجب فالعقل لا يدرك الملازمة بين إيجابه وإيجاب ذلك أبداً ، ونتيجته وجوب خصوص المقدّمة الموصلة.
الوجه الثاني : إمكان تقييد المقدّمة بقيد الإيصال من جانب المولى وجداناً لأنّه بنفسه دليل على انحصار حكم العقل في المقدّمة الموصلة ، وإلاّ لو كانت دائرة حكم العقل أوسع منها لم يمكن تقييد ما حكم به العقل.
الوجه الثالث : أنّ الواجب على المكلّف إنّما هو تحصيل غرض المولى فحسب ، ولا إشكال في أنّ غرضه من إيجاب المقدّمة هو الوصول إلى ذي المقدّمة ، فيكون الواجب خصوص ما يوصله إلى ذي المقدّمة.
ولكن قد أورد عليه أيضاً بامور :
الأمر الأوّل : أنّ العقل لا يفرّق بين الموصل وغيره لأنّ ما يتوقّف عليه الواجب خارجاً إنّما هو ذات المقدّمة ، والملازمة ثابتة في الخارج بين وجود ذاتها ووجود ذي المقدّمة.
الأمر الثاني : أنّ الغرض من إيجاب المقدّمة ليس هو الوصول إلى ذي المقدّمة بل إنّما هو التمكّن من الوصول ، ومن المعلوم أنّ التمكّن من الوصول يترتّب على المقدّمة مطلقاً لا خصوص الموصلة منها.
وبعبارة اخرى : إنّ المتوقّع من كلّ شيء ما يكون صدوره منه ممكناً ، فالمتوقّع من نصب السلّم مثلاً ليس هو الوصول إلى السطح لأنّه بمجرّده لا يوجب الوصول إليه بل يتوقّع منه إمكان الوصول إلى السطح ، كما أنّ المتوقّع من الوضوء إنّما هو التمكّن من الإتيان بالصّلاة ، ولا إشكال في أنّ هذا التمكّن يوجد في جميع المقدّمات فإنّ المكلّف بالوضوء يصير قادراً على الصّلاة ، سواء أتى به بنيّة الصّلاة أو لا؟
نعم ، إنّه كذلك في المقدّمات التوليديّة حيث إنّ ما يترتّب عليها إنّما هو الوصول إلى ذي المقدّمة لا مجرّد التمكّن منه ، لكن ليست المقدّمة في محلّ النزاع منحصرة في العلل التامّة والأسباب التوليديّة.
الأمر الثالث : إذا أتى المكلّف بالمقدّمة ولم يأت بذي المقدّمة بعد فإمّا أن يسقط الأمر الغيري المتعلّق بها أو لا يسقط ، لا مجال للثاني لأنّ بقاء الأمر الغيري على حاله مع حصول