جامع بينهما حتّى يصير مشتركاً معنويّاً ، والدليل على كونه مشتركاً لفظيّاً ( وإنّه لا جامع بينهما ).
أوّلاً : قول أرباب اللّغة ( فراجع ).
وثانياً : التبادر فإنّ المتبادر من قولك « جئت لهذا الأمر » أو « رأيت اليوم أمراً عجيباً » إنّما هو الشيء ولا يمكن تأويلها إلى الطلب لوجود التباين بينهما.
وثالثاً : ما صرّح به غير واحد منهم من أنّ الأوّل يجمع على فواعل ( أوامر ) والثاني على فعول ( امور ).
ورابعاً : كون أحدهما ( وهو المعنى الأوّل ) مصدراً ومبدأً للاشتقاق ، والثاني اسم لا يشتقّ منه شيء.
ومن هنا يظهر وقوع الخلط بين المفهوم والمصداق بالنسبة إلى سائر المعاني وإنّها ترجع في الواقع إلى هذين المعنيين كالمعنى الثالث وهو الفعل ، فإنّ الأمر في قوله تعالى : ( وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ) ليس بمعنى الفعل بل إنّه عبارة عن أوامر فرعون وأحكامه فينطبق على المعنى الأوّل ، وهكذا المعنى الرابع فإنّ الأمر في قوله تعالى : ( فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا ) أيضاً بمعنى الأمر التكويني لله تعالى بالعذاب نظير قوله تعالى : ( أَتى أَمْرُ اللهِ ) أي أتى أمره التكويني بالعذاب.
ثمّ إنّه ذكر في تهذيب الاصول أنّ ما هو المعروف بين الاصوليين من أنّ لفظ الأمر مشترك لفظي بين ما هو أمر حدثي وبين غيره غير صحيح إذ الموضوع للحدث هو المادّة الساريّة في فروعها التي لم تتحصّل بهيئة خاصّة ، والموضوع لمعانٍ اخر هو لفظ الأمر جامداً » (١).
ولا يخفى ما فيه ، فإنّ النزاع في مادّة المشتقّات لا دخل له بما نحن فيه ، بل الكلام في أنّ كلمة الأمر بهذه الهيئة لفظ واحد له معنيان مختلفان :
أحدهما : المعنى المصدري الحدثي.
والثاني : المعنى غير الحدثي الجامد وليس المشترك اللّفظي إلاّهذا ، سواء كان الأصل في المشتقّات هو المصدر أو المادّة الساريّة في فروعها.
إذا عرفت هذا فنقول : لا بدّ من التكلّم حول مادّة الأمر بالمعنى الأوّل في عدّة امور :
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٩٩ ، طبع مهر.