بالثّبوت لا القطعي حسب ما اعترف به في « المعارج » في أجوبة النّافين وصرّح برجحان البقاء (١). وربّما يحكى (٢) إبدال قوله : ( فيجب الحكم بثبوته ) بقوله : ( فيظنّ به ) في المقام أيضا فيصير مرجع هذا الدّليل إلى دليل آخر ذكره العضدي وغيره وهو : أنّ ما ثبت في وقت ولم يظنّ عدمه فهو مظنون البقاء ؛ لأنّ معنى الحكم الظنّي بالبقاء ليس إلاّ الظّن بالبقاء (٣). ـ على ما عرفته في طيّ كلماتنا السّابقة في تعريف الاستصحاب في توجيه ما ذكره الفاضل القمي رحمهالله وسيجيء الكلام على هذا الكلام صغرى وكبرى ـ مضافا إلى خروجه عن التّمسك بنفس ثبوت المقتضي في الزّمان الثّاني والشّك في وجود الرّافع حسب ما هو مقتضى الدّليل على بعض التّقادير كما لا يخفى.
ثانيها : أن يكون المراد من قوله : ( فيجب الحكم بثبوته ) : هو الحكم بثبوته تعبّدا عقليّا من جهة استقرار بناء العقلاء على عدم الاعتناء باحتمال الرّافع بعد إحراز وجود المقتضي.
وفيه ـ مضافا إلى كونه خروجا أيضا عن قضيّة الدّليل ومبنيّا على مقدّمة أخرى حسب ما صرّح به الأستاذ العلاّمة ـ : أنّ دعوى بناء العقلاء في أمورهم على مجرّد التعبّد ـ وإن لم يكن هناك ما يفيد الظّن ولو نوعا ـ مخالفة للبداهة وركيكة إلى النّهاية ؛ لأنّ بناء العقلاء إنّما هو من جهة القوّة العاقلة الموجودة فيهم.
__________________
(١) معارج الأصول : ٢٠٩.
(٢) انظر غاية المأمول ( مخطوط ) الورقة ١٢٨ ، وكذا القوانين ج ٢ / ٥٢.
(٣) انظر شرح مختصر الأصول للعضدي : ج ٢ / ٤٥٤ ، ونهاية الأصول للعلاّمة ( مخطوط ) ٤٠٧ ، والقوانين : ج ٢ / ٥٣.