في كتابه الكريم من الحسنات والسيِّئات ، والدخول في الجنّة والنار ، والحور والقصور ، والويل والعذاب وما شاكل ذلك من ألوان الثواب والعقاب خاطئ جداً والسبب في ذلك : أنّه لا يمكن الوثوق بوعده تعالى ووعيده بعد الالتزام بعدم إدراك العقل قبح الكذب وخلف الوعد عليه سبحانه.
فالنتيجة : أنّ في عزل العقل عن إدراك الحسن والقبح وتجويز ارتكاب الظلم على الله تعالى القضاء الحاسم على أساس كافّة الشرائع والأديان.
وأمّا الدعوى الثانية : فلأ نّها نشأت من الخلط بين حكم العقل العملي وحكم العقل النظري ، وذلك لأنّ الله تعالى لا يعقل أن يكون محكوماً بحكم العقل العملي ، وهو حكم العقلاء باستحقاقه تعالى المدح تارةً والذم اخرى على الفعل الصادر منه في الخارج ، بداهة أنّه لايتصور أن يحكم عليه سبحانه عبيده.
وأمّا العقل النظري ، فهو كما يدرك وجوده تعالى ووحدانيته وقدرته وعلمه وحكمته التي هي من لوازم علمه وقدرته ، كذلك يدرك قبح ارتكابه سبحانه الظلم واستحالة صدوره منه ، كيف حيث إنّه منافٍ لحكمته ، ومن الطبيعي أنّ ما ينافي لها يستحيل صدوره من الحكيم تعالى ، والسبب في ذلك : أنّ صدور الظلم من شخص معلول لأحد امور : الجهل ، التشفي ، العجز ، الخوف ، وجميع ذلك مستحيل في حقّه تعالى.
وكيف كان ، فادراك العقل استحالة صدور الظلم منه سبحانه وقبحه من القضايا الأوّلية التي هي قياساتها معها. ومن هنا لولا إدراك العقل قبح الظلم لاختلت كافّة الأنظمة البشرية المادية والمعنوية.
ولو تنزّلنا عن ذلك وسلّمنا أنّ أفعال الله تعالى لا تتصف بالقبح ، وأنّ كل ما يصدر منه سبحانه حسن ، إلاّ أنّه لاينبغي الشك في أنّ العقلاء يعاقبون عبيدهم على مخالفتهم ويثيبون على إطاعتهم ، كما أنّهم يمدحون الفاعل على فعل