وتستريح دائماً ، وهذا هو الصحيح ويشهد له أمران :
أحدهما : أنّ المنسبق من النصوص الناهية عن الصلاة في معاطن الإبل أنّ الوجه فيه استقذار المكان لأجل تلوّثه بالبول والروث ، وهذا المناط يشترك فيه الموضعان ، بل لعلّه في مواطن الاستراحة أقوى وأشدّ من مواضع الشرب.
ثانيهما : ما سيأتي في النصوص من تجويز الصلاة في أعطان الإبل لدى خوف ضياع المتاع ، فانّ من الواضح أنّ هذا الخوف إنّما هو في مساكن الإبل ومقرّها الدائمي حيث يوضع المتاع هناك غالباً ، فيكون معرضاً للضياع ومقصداً للصوص ، دون مواضع الشرب التي تبرك الإبل فيها قليلاً ثم تعود.
وكيف ما كان ، فلا ينبغي الإشكال في عموم الموضوع في اصطلاح الشرع.
وأما الحكم ، فالمشهور كراهة الصلاة فيها. وعن أبي الصلاح (١) ، وظاهر المقنعة (٢) التحريم ، أخذاً بظاهر النهي الوارد في جملة من الروايات كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته ... إلى أن قال ـ : لا تصلّ في أعطان الإبل الا أن تخاف على متاعك الضيعة فاكنسه ورشّه بالماء وصلّ فيه » (٣).
وصحيحة محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الصلاة في أعطان الإبل ، قال : إن تخوّفت الضيعة على متاعك فاكنسه وانضحه ... » إلخ ونحوهما موثقة سماعة ، وصحيحة علي بن جعفر (٤).
ولكن الصحيح لزوم حمله على الكراهة كما فهمه المشهور ، لعدم كشف النهي المزبور عن خساسة في المحل مانعة عن صحة الصلاة ، وإلا لما ارتفعت بالكنس والرش ، وإنما هو من أجل استقذاره وتلوثه بالبول والروث ، وحيث
__________________
(١) الكافي في الفقه : ١٤١.
(٢) المقنعة : ١٥١.
(٣) الوسائل ٥ : ١٤٥ / أبواب مكان المصلي ب ١٧ ح ٢.
(٤) الوسائل ٥ : ١٤٤ / أبواب مكان المصلي ب ١٧ ح ١ ، ٤ ، ٦.