ويتفق كثيرا أن
يكون ما يرى من الملكوت شيئا كالرأس وكالابتداء ، فيستولى التخيل على النفس
استيلاء يصرفها عن استتمام ماتراه ، وتنتقل بعده انتقالا بعد انتقال لا تحاكى بتلك
الانتقالات شيئا مما يرى من الملكوت ، إذ ذلك قد انقطع ، فيكون هذا ضربا من
الرؤيا. إنما موضع العبارة منه شىء طفيف وباقيه أضغاث
أحلام ، فما كان من الرؤيا من الجنس الذى السلطان فيه للتخيل
فإنه يحتاج إلى عبارة ضرورة.
وربما رأى الإنسان
تعبير رؤياه فى رؤياه فيكون ذلك بالحقيقة تذكرا ، فإن القوة المفكرة كما أنها قد
تنتقل أولا من الأصل إلى الحكاية لمناسبة بينهما ، كذلك لا يبعد أن تنتقل عن
الحكاية إلى الأصل.
فكثيرا ما يعرض
لها أن تتخيل فعلها ذلك مرة أخرى فيرى كأن مخاطبا يخاطبه بذلك ، وكثيرا مّا لم يكن كذلك ، بل كان كأنها تعاين الشىء
معاينة صحيحة من غير أن تكون النفس اتصلت بالملكوت ، بل تكون محاكاة من المتخيلة
للمحاكاة فترجع إلى الأصل.
وهذا الضرب من
الرؤيا الصحيح قد يقع عن التخيل من غير معونة
__________________