للإسلام بالألطاف الّتي يَحْبُوهُ بها فييسّر له بها استدامة أعمال الطاعات . والهداية في هذا الموضع هي : النعيم .
قال الله تعالىٰ فيما خبّر به عن أهل الجنّة : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا ) ( الأعراف ٧ : ٤٣ ) أي نعمنا به وأثابنا إيّاه . والضلال في هذه الآية هو : العذاب ، قال الله تعالىٰ : ( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ) ( القمر ٥٤ : ٤٧ ) فسمىٰ العذاب ضلالاً والنعيم هداية ، والأصل في ذلك أنّ الضلال هو الهلاك والهداية هي النجاة .
قال الله تعالىٰ حكاية عن العرب : ( أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) ( السجدة ٣٢ : ١٠ ) يعنون إذا هلكنا فيها ، وكان المعنىٰ في قوله : ( فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ ) ما قدّمناه وبيّناه ومن يرد أن يضلّه ما وصفناه ، والمعنىٰ في قوله : ( يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا ) يريد سلبه التوفيق عقوبة له علىٰ عصيانه ومنعه الألطاف جزاء له علىٰ إساءته ، فشرح الصدر ثواب الطاعة بالتوفيق ، وتضييقه عقاب المعصية بمنع التوفيق ، وليس في هذه الآية علىٰ ما بيّناه شبهة لأهل الخلاف فيما ادّعوه من أنّ الله تعالىٰ يضلّ عن الإيمان ويصدّ عن الإسلام ويريد الكفر ويشاء الضلال .
وأمّا قوله تعالىٰ
: ( وَلَوْ شَاءَ
رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا )
( يونس ١٠ : ٩٩ ) ، فالمراد به الاخبار عن قدرته ، وأنّه لو شاء أن يلجئهم إلىٰ الإيمان ويحملهم عليه بالإكراه والإضطرار لكان علىٰ ذلك قادراً ،
لكنّه شاء تعالىٰ منهم الإيمان على الطوع والاختيار ، وآخر الآية يدلّ علىٰ
ما ذكرناه وهو قوله تعالىٰ : (
أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )
( يونس ١٠ : ٩٩ ) يريد أنّه قادر علىٰ إكراههم علىٰ الإيمان لكنّه لا
يفعل