فرق في ذلك بين الأحكام التكليفية والوضعية ، فتزول الاستطاعة مثلاً بعد حدوثها أو تزول الزوجية بطلاق أو فسخ ونحوهما.
وبالجملة : لا نتعقل للحكم الشرعي واقعاً إلا في هاتين المرحلتين ، وله في كل مرحلة رافع خاص كما عرفت.
وعليه فلا معنى للاستصحاب التعليقي أصلاً ، لأنّ الحرمة المعلّقة على الغليان مثلاً الثابتة للعنب التي يراد استصحابها في حال الزبيبية إن أُريد بها الحرمة الثابتة في مرحلة الجعل فلا يحتمل ارتفاعها ، بل هي باقية جزماً ، لاختصاص رافعها حينئذ بالنسخ المنفي احتماله على الفرض ، نعم لو احتمل جرى استصحاب عدمه ، لكنه أجنبي عن المقام كما هو ظاهر.
وإن أُريد بها الحرمة الفعلية فلا يحتمل حدوثها ، لكونها منوطة بتحقق الموضوع بما له من القيود كما عرفت ، فلا يكون العصير العنبي حراماً بالفعل إلا مع الغليان كما مرّ ، والمفروض عدم تحققه سابقاً. فالحرمة الشأنية غير مرتفعة قطعاً ، والحرمة الفعلية غير متحققة قطعاً ، فماذا هو المستصحب بعد أن عرفت حصر الحكم الشرعي في هاتين المرحلتين.
نعم ، الملازمة بين عروض الغليان للعصير العنبي وحرمته متيقّنة سابقاً ومشكوكة لاحقاً ، بمعنى أنّا نعلم أنّ العصير في حال العنبية لو لحقه الغليان حرم ، ونشك في بقاء هذه الملازمة في حال الزبيبية ، إلا أنّ هذه الملازمة ليست بشرعية ، بل هي حكم عقلي ، بمعنى أنّ العقل يستقلّ بأنّ موضوع الحكم إذا كان مركّباً من جزأين كالعصير العنبي وغليانه بالإضافة إلى الحرمة ، أو هي مع النجاسة وقد تحقق أحدهما وهو العصير العنبي ، فإذا فرض تحقق الآخر وهو الغليان وانضمامه إلى الأوّل فهو يستلزم ترتّب الحكم لا محالة ، لتمامية جزأي الموضوع الذي هو بمنزلة العلّة لتعلق الحكم به ، ولا معنى لجريان الاستصحاب في هذا الحكم العقلي كما لا يخفى.
كما أنّ ما أفاده قدسسره من عدم جريان الاستصحاب التعليقي بعد