المقام ، لاحتمال أن يكون المكلّف متمكّناً من استعمال الماء إلى آخر الوقت كما يحتمل عدمه فهو شبهة مصداقية للعمومات ، ولا يمكن التمسّك بها في الشبهة المصداقية.
نعم يمكن إحراز بقاء عذره وعدم تمكّنه من الماء إلى آخر الوقت بالاستصحاب ، إلاّ أنّه حكم ظاهري لو تمكّن من الماء بعده ينكشف عدم مطابقته للواقع وعدم كونه مأموراً بالتيمّم من الابتداء فتجب عليه الإعادة لا محالة ، فالتمسك بإطلاق دليل البدلية في غير محلِّه.
وعلى الجملة : إذا احتمل المكلّف وجدان الماء إلى آخر الوقت فهل يشرع له التيمّم أوّل الوقت أو يجب عليه التأخير؟ المعروف هو عدم جواز البدار كما سبق ، بل ادّعي عليه الإجماع في كلماتهم. وذهب جماعة إلى جواز البدار.
وقد يفصّل في المسألة بين صورة رجاء الوجدان فلا يجوز البدار وبين صورة اليأس أو الاطمئنان بعدم وجدان الماء إلى آخر الوقت فيجوز البدار.
ومنشأ الاختلاف بينهم هو اختلاف الأخبار ، وذلك لأنّه ورد في جملة من الروايات وفيها الصحاح أنّ المكلّف إذا تيمّم فصلّى ثمّ وجد الماء في الوقت لم يعد صلاته ، وفي بعضها عبّر بالإجزاء وأنّه قد أجزأته صلاته الّتي صلّى (١).
وهذه الأخبار وإن كانت مبتلاة بالمعارض حيث ورد في قبالها أنّه يتوضأ أو يغتسل ويعيد صلاته ، ولكن يمكن الجمع بينهما بحمل ما دلّ على عدم الإجزاء ووجوب الإعادة على الاستحباب ، إذ الطائفة الأُولى صريحة في الإجزاء ، وإذا ورد في قبالها الأمر بالإعادة فلا يبعد حمل الأمر على الاستحباب ، لأنّه مقتضى الجمع العرفي بين ما دلّ على الإجزاء وما دلّ على الأمر بالإعادة.
وعلى أي حال تدلّنا كلتا الطائفتين على مشروعية التيمّم في أوّل الوقت قطعاً لدلالتهما على أنّ الصلاة المأتي بها بذلك التيمّم إمّا مشروطة بعدم وجدان الماء بعدها إلى آخر الوقت أو هي صحيحة وغير مشروطة بذلك ، فتيممه في أوّل الوقت صحيح
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٣٦٦ / أبواب التيمّم ب ١٤.