وأما العاشر : فيما يجوز عكسه من التشبيه وما لا يجوز. فأما الذي لا يجوز عكسه ، فكل تشبيه كان الغرض به إلحاق الناقص بالزائد مبالغة في اثبات الحكم للناقص فهذا يمتنع عكسه ، وهو كما اذا شبهت شيئا أسود بما هو الاصل في شدة السواد كخافيتي الغراب والقار امتنع فيه العكس ، لأن تنزيل الزائد منزلة الناقص تضاد المبالغة في الاثبات. واما الذي يجوز عكسه فهو الجمع بين شيئين في مطلق الصورة أو الشكل ، أو اللون فالعكس مستقيم فيه فهو كتشبيه الصبح بغرة الفرس مع كون البياض قليلا بالاضافة إلى السواد ، وكذلك تشبيه الشمس بالمرآة المجلوة والدينار الخارج من السكة كقول ابن المعتز فهذا حسن مقبول ، وان اعظم التفاوت بينهما لأنك لم تضع التشبيه على مجرد النور ، وانما قصدت إلى مستدير يتلألأ ويلمع ، ثم خصوص جنس اللون الموجود في المرآة المجلوة والدينار للتخلص من حمى المسبك يوجد في الشمس ، فأما مقدار النور بأنه زائد أو ناقص والجرم عظيم أو صغير فمما لم يتعرض له وعلى هذا خرج قوله تعالى : ( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ ) الآية ، فإنه سبحانه وتعالى لم يرد بالتشبيه بهذه الزجاجة الموصوفة بهذه الصفة المشاركة بين نوره وبين نور هذه الزجاجة ، إذ لا مناسبة بينهما ، بل كان ذلك من التشبيه الذي ينعكس بل الذي يتعين عكسه.
وأما الحادي عشر : في الهيئات التي تقع عليها الحركات فهي عند أرباب هذا العلم على قسمين : أحدهما أن تعرف تغيرها من الأوصاف كالشكل. واللون الثاني أن تجرد هيئة الحركة حتى لا يراد غيرها .. فمن الأول قول ابن المعتز :
والشمس كالمرآة في كفّ الأشل
أراد أن يربك مع الاستدارة ، والاشراق الحركة التي تراها في الشمس إذا أنعمت التأمل ، ثم ما يحصل في نورها من أجل تلك الحركة ، وذلك أن