أَبْصارَهُمْ ) .. وقال ابن الأثير في جامعه : اعلم أن الاستعارة قد جاءت في الأسماء والصفات والأفعال جميعا تقول : رأيت ليوثا. ولقيت صما عن الخير. وأضاء الحق. إلاّ أنه قد استعمل الضرب الثاني الذي ذكرناه وهو قولنا ـ زيد أسد ـ في باب الاستعارة وأورده جماعة من العلماء مثل قدامة والجاحظ وأبي هلال العسكري والغانمي ، وأبي محمد بن سنان الخفاجي في تصنيفاتهم في باب الاستعارة ولم يذكروا أن الأصل فيه أنه تشبيه بليغ فما أعلم هل ذلك لخفائه عليهم أو أنهم عرفوه ولم يذكروه وهو الأصل المقيس عليه في التشبيه الذي أجمع عليه المحققون من علماء البيان وقد أوردناه نحن في كتابنا هذا في باب الاستعارة تشبيها بالقوم واستنانا بسننهم ، لأنهم السابقون في هذا الفن بالتصنيف إلا أن موضعه باب التشبيه فاعرف ذلك.
الوجه السادس : الاستعارة التخييلية ، وقد تقدم الكلام فيها ونزيد ذلك وضوحا وهو أن علماء البيان قالوا : إن أكثر الآيات التي يتمسك بها أهل التشبيه من هذا. فمنها قوله تعالى : ( وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) اثبات الجناح للذل استعارة تخييلية .. روي أن أبا تمام لما نظم قوله : ( هو حبيب بن أوس الطائي ).
لا تسقني ماء الملام فإنني |
|
صبّ قد استعذبت ماء بكائي |
جاءه رجل بقصعة وقال : اعطني قليلا من ـ ماء الملام ـ فقال أبو تمام :لا أعطيكه حتى تأتيني بريشة من ـ جناح الذل ـ فافحم الرجل. ومن ذلك أيضا قوله تعالى : ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ ). ومنه قوله تعالى : ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ). ومنه قوله تعالى : ( إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ). ومنه قوله تعالى ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً ) وفي القرآن العظيم من ذلك كثير.
الوجه السابع : الاستعارة المجردة وهي أن تنظر إلى المستعار من غير نظر إلى غيره كقوله تعالى : ( فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ ) وكقول