نظرت إلى نجد وبغداد دونها |
|
لعلي أرى نجدا وهيهات من نجد |
ـ وكذلك قول أبي نواس :
أقمنا بها يوما ويوما وثالثا |
|
ويوما له يوم الترحّل خامس |
ـ وكذلك قول المتنبي :
ولم أر مثل جيراني ومثلي |
|
لمثلي عند مثلهم مقام |
ـ وأقبح من ذلك قوله :
وقلقلت بالهمّ الذي قلقل الحشى |
|
قلاقل عيس كلّهنّ قلاقل |
ـ وقال ابن الأثير قال الواحدي في شرحه لشعر أبي الطيب المتنبي انه لا يلزمه من هذا عيب ، وأنه قد جرت عادة الشعراء بمثل ذلك كقول أبي منصور الثعالبي :
وإذا البلابل أطربت بهديلها |
|
فانف البلابل باحتساء بلابل |
والصحيح أنه مستثقل وأخطأ الواحدي في الاعتذار عنه وفي تمثيله بيت الثعالبي وبيان ذلك أن بيت أبي الطيب قد ورد فيه ذكر القلقلة والقلاقل أربع مرات وهن دلالات على معنى واحد لا غير وهو الحركة يقول ـ وحرّكت بالهمّ الذي حرك الحشى نوقا سراع الحركة كلهن متحركات ـ وهذا من أقبح ما يكون من التكرير. وأما بيت الثعالبي الذي مثّله الواحدي ببيت أبي الطيب فليس مثالا لأن لفظه ـ البلابل ـ قد وردت فيه ثلاث مرات وكلّ منها دال على معنى غير الآخر ، فالأول جمع بلبل وهو طائر حسن الصوت والثاني جمع بلبلة وهي وساوس الصدور ، والثالث جمع بلبلة وهي مخرج الماء من الابريق فهو يقول ـ وإذا الأطيار من البلابل هدلت وغرّدت فانف البلابل من قلبك باحتساء الخمر من بلابل الأباريق ـ وهذا من أحسن ما يكون من التجنيس ومن هاهنا وقع