لا ريب في عدم وجوب الاعلام به ، لأنه لا أثر لوجود الدم المذكور وعدمه حتى مع علم المصلِّي به فضلاً عن جهله ، وكذا لا إشكال في جواز التسبيب إلى الصلاة في مثله.
وعلى الجملة أن جواز التسبيب وعدم وجوب الاعلام في هذه الصورة على القاعدة. مضافاً إلى الموثقة الواردة في من أعار رجلاً ثوباً فصلّى فيه وهو لا يصلي فيه (١) حيث دلت على أن الثوب المستعار لا يجب الاعلام بنجاسته للمستعير. والوجه فيه أن صلاة الجاهل في الثوب المتنجس مما لا منقصة له بل هي كصلاته في الثوب الطاهر من غير نقص ، ومن هنا جاز للمعير أن يأتم بالمستعير في صلاته في الثوب المتنجس. ولا يبتني هذا على ما اشتهر من النزاع في أن المدار في الصحة على الصحّة الواقعية أو الصحّة عند الإمام ، لأن ذلك إنما يختص بما إذا كان للواقع أثر مترتّب عليه كما في الجنابة والحدث الأصغر ونحوهما.
فالمتحصل إلى هنا أن الحكم الواقعي إذا كان ذكريا ومشروطاً بالعلم والالتفات لا يجب فيه الاعلام للجاهل كما لا يحرم التسبيب في مثله ، ولعل هذا مما لا ينبغي الإشكال فيه. وإنما الكلام فيما إذا كان للحكم الواقعي أثر يترتب عليه في نفسه من حيث صحة العمل وبطلانه ومحبوبيته ومبغوضيته وإن كان المباشر معذوراً ظاهراً لجهله ، وهذا كشرب الخمر أو النجس أو أكل الميتة ونحوها فان شرب الخمر مثلاً مبغوض عند الله واقعاً وإن كان شاربها معذوراً لجهله ، فهل يحرم التسبيب في مثله ويجب فيه الاعلام ، فلا يجوز تقديم الخمر إلى الضيف ليشربها جاهلاً بأنها خمر أو لا يحرم التسبيب ولا يجب فيه الإعلام ، أو يفصّل بينهما بالحكم بحرمة التسبيب وعدم وجوب الاعلام؟
وجوه صحيحها الأخير وذلك لعدم قيام الدليل على وجوب الاعلام في أمثال المقام ، حيث لا تنطبق عليه كبرى وجوب النهي عن المنكر لجهل المباشر وعدم صدور الفعل منه منكراً ولا وجوب تبليغ الأحكام الشرعية وإرشاد الجاهلين لأنه
__________________
(١) كما في موثقة ابن بكير المروية في الوسائل ٣ : ٤٨٨ / أبواب النجاسات ب ٤٧ ح ٣.