وعلى الجملة أن للآية
المباركة دلالات.
منها : دلالتها
على وجوب التقليد في الأحكام ، لدلالتها على وجوب التحذر بانذار الفقيه وهو إنما
يتحقق بالعمل على إنذاره وفتواه.
ومنها : دلالتها
على وجوب الإفتاء ، وذلك لدلالتها على وجوب الإنذار فإن الإنذار قد يكون بالدلالة
المطابقية وفد يكون ضمنياً أو بالالتزام ، وإفتاء المجتهد بالحرمة أو الوجوب يتضمن
الإنذار باستحقاق العقاب عند تركه الواجب أو إتيانه الحرام.
ومنها : دلالتها
على حجية إنذار الفقيه وإفتائه ، وذلك لأنه لو لم يكن إنذاره حجة شرعاً ، لم يكن
أي مقتض لوجوب التحذر بالإنذار لقاعدة قبح العقاب بلا بيان فوجوب التحذّر عند
إنذار الفقيه يستلزم حجية الإنذار لا محالة ، هذا.
وقد يقال : إن
الفقاهة والاجتهاد في الصدر الأوّل غير الفقاهة والاجتهاد في العصور المتأخرة ،
لأن التفقه في الأعصار السابقة إنما كان بسؤال الأحكام وسماعها عن المعصومين عليهمالسلام ، ولم يكن وقتئذٍ
من الاجتهاد بالمعنى المصطلح عليه عين ولا أثر ، إذن لا دلالة للآية المباركة على
حجية إنذار الفقيه بالمعنى المصطلح لتدل على حجية فتواه ، وإنما تدل على حجية
النقل والرواية ، لأن إنذار الفقيه بالمعنى المتقدم إنما هو بنقله الحكم الّذي
سمعه من مصادره ، أو بإخباره عن أن الفعل يترتب على ارتكابه أو على عدم ارتكابه
العقاب ، وأين هذا من التفقه بالمعنى المصطلح عليه لأنه أمر آخر يتوقف على إعمال
الدقة والنظر.
وهذه المناقشة وإن
أوردها بعض مشايخنا المحققين ( قدّس الله أسرارهم ) إلاّ أنها مما لا يمكن المساعدة عليه وذلك :
أما أوّلاً : فلأن
الآية المباركة لمكان أخذها عنوان الفقاهة في موضوع وجوب التحذر ، ليست لها أيّة
دلالة على حجية الخبر والرواية من جهتين :
إحداهما : أن حجية
الرواية لا يعتبر فيها أن يكون الناقل ملتفتاً إلى معناها فضلاً
__________________