المفاعلة : أن مفاد الهيئة في الأول سواء كان بنفسه لازما كجلس ، أو متعديا لكنه لا يتعدى إلى شخص آخر ككتب الحديث إلا بتوسط إلى ، فيقال : كتب الحديث إليه ، أو كان متعديا إلى الآخر كخدعه ، لا يكون في الكل إلا متكفلا لنسبة لازمة ، أو متعدية باداة إلى الآخر أو بلا أداة للتعدية.
بخلاف هيئة المفاعلة ، فان قولنا : جالسه يتضمن التعدي إلى الآخر بنفسه ، فيكون مفاده بنفسه مفاد ( جلس اليه ) ومفاد ( كاتبه ) مفاد ( كتب اليه ) ومفاد ( خادعه ) هو التصدي ، لإنهاء الخديعة إليه ، فحيثية التعدية بالأداة أو بنفسه ملحوظة في هيئة المفاعلة بنفسها ، فقولنا : ضرب زيد عمروا ، أو خدع زيد عمروا ، وإن كان متعديا إلى غيره إلا أن هذه التعدية ذاتي مفادهما ، بخلاف خادع وضارب ، فان هذه الحيثية ملحوظة في مقام إفادة النسبة ، فاذا فعل فعلا كان أثره خداع الغير ، صدق عليه أنه خدعه ، لا أنه خادعه ، إلاّ اذا تصدى لخديعته.
وكذلك إذا صدر منه ضرب واقع على عمرو ، صدق عليه أنه ضربه ، ولا يصدق أنه ضاربه إلا إذا تصدى لضربه.
ولذا لما أبى سمرة عن الاستئذان ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( إنك رجل مضار ) أي متصد لإضرار الأنصاري ، لا مجرد كون دخولك ضررا عليه ، فيكون حاصل قوله صلّى الله عليه وآله : ( لا ضرر ولا ضرار ) (١) نفي أصل الضرر ، ولو بدون التصدي له ، ونفي التصدي للاضرار ، لا لمجرد التاكيد ـ كما أفيد ـ ولا لغيره ، من دون لزوم الالتزام بكونه على خلاف أصله.
__________________
(١) الكافي ٥ / ٢٩٣ لكن متن الحديث فانه لا ضرر ولا ضرار.