حيواني عريق.
وممن يؤمنون بأنه مادي محض ، ولا واقع
له غير واقع المادة ، ولا تأريخ له سوى تأريخ الاقتصاد ، وتأريخ المأكل والملبس والمأوى وما يتصل بهذا ويتفرع عليه.
من تلاميذ هذه الفكرة وأتباعها الذين
يؤمنون بها حق الايمان يذهبون ورائها أبعد من هذا الشوط ، ويعقدون عليها اكبر من هذا الامل.
يقولون : المادة وحدها هي التي تكوِّن
التأريخ ، وتسلسل أحداثه ، وتعاقب أطواره ، هي التي تبني الحياة وتطورها وتصرفها ( عبر الدهور ).
وليكن معنى قولهم هذا أن المنافع
المادية وحرص الانسان عليها ، وافتتانه في وسائل الظفر بها هي التي كونت تأريخ الانسان وبنت حياته وسلسلت أحداثهما وعاقبت أطوارهما. ليكن هذا هو المعنى المقصود ، فقد قيل في معناه إن تأريخ الانسان وحياته ليسا سوى المادة ، ليسا سوى الطعام والكسوة والمنزل وما اليها. ولا يعدم هذا القائل شاهداً على صحة تفسيره.
المادة وحدها ، وليس العقل ـ كما يرى
هيجل ـ وليس الله ـ كما يقول الالهيون ـ وليست أية قوة اخرى منفصلة عن المادة ، وليست المادة مشتركة مع قوة اخرى غير مادية ، المادة وحدها بلا شريك ولا ظهير هي المصدر لكل ماهنا من شيء ، والمصدر لكل ماهنا من حركة ، والمصدر لكل ما يجد من أمر ، والمصدر لكل ما يحدث للاشياء وللانسان من اتجاه.
والركيزة الأولى لهذه الفلسفة : أن الحس
هو المصدر الفريد للمعرفة