وبحيث لا يجد
المحكوم في قرارة نفسه من إصدار الحكم عليه ضيقاً ، ولا في تنفيده حرجاً ولا في الانقياد لموجبه ضعة :
(
فَلَا
وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
) .
هذا الوازع النفسي المكين المنطبع في
دخيلة الانسان وفي أعماق قلبه وروحه ، الذي يحمل على التسليم لحكم الرسول في نفسه وأهله وماله وولده دون حرج ولا ضيق ، هو المتم للإيمان ، وهذه الطمأنينة التامة إلى قوله حتى في مواقع الشجار ـ والشجار مظنة للتعصب خلاف الهدى ـ هي المظهر الصادق له.
والرسول الى ذلك جميعه هو المثال الكامل
للانسانية الكاملة ، بأفعاله تقتدي الامة ، ومن أنواره تقتبس ، وعلى هديه تسير :
(
لَّقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ
وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا
) .
كل هذه لوازم لاتنفك عن طبيعة النبوة ، ولا
تنفصل عن حقيقة الدين ، وعن نظام الدعوة اليه ، مهما اتسعت أو ضاقت آفاق الدعوة ، ومهما صعبت أو سهلت مهمة النبي أو الرسول ، فأنبياء الله ورسله كافة يشتركون في هذه الحقوق ويتبوؤن هذه المنزلة ، كل في نطاق دعوته ، أما الاعتراف بنبواتهم أجمع فقد أوجبه الإسلام على البشر أجمع :
__________________