فيعمل عملا بملء شعوره وملء رغبته وملء إرادته ، ثم يفكر بعد ذلك ويطيل التفكير : أهو مختار في عمله ذلك أم هو مجبور ؟!.
اما أن يدير المفتاح بكفه عامداً فيفتح الباب ، ثم يتساءل جاداً : أيّ الآلتين اشد اقتساراً ، المفتاح لما استدار بكفه ام هو لما أدار المفتاح ؟! اما هذا النمط من التفكير فهو خروج عن مألوف العقل ، وانكار لأوليات الفطرة ، ثم هو تشويه لوجه الحق وتيسير لارتكاب الرذيلة. وأية قوة في العالم تستطيع ان تقف في وجه المرء متى اعتقد أنه مقسور على ما يعمل مجبور على ما يترك ؟. أية قوة تملك أن تقف قي وجهه اذا اعتقد أن الخير والشر عند الله سواء بسواء ، كلاهما مجبور عليه من الله. وكلاهما مجهول الجزاء لديه .. يثيبه عليهما اذا شاء ويعاقبه عليهما إذا أحب ... ؟
يثيبه عليهما كلهما اذا شاء حتى على فعل الشرّ ، ويعاقبه عليهما كليهما إذا اراد حتى على عمل الخير !.
لا ... ليس في الدنيا كلها قوة تطيق أن تردع الانسان عن غيه اذا هو اعتقد ذلك.
والدين وقوانين الخلق. وشرائع التربية. وانظمة المجتمعات. أية جدوى من هذه كلها للانسان اذا كان آلة صماء بكماء لاتعمل إلا بِقاسر ولا تتحرك دون محرك ؟.
وأيُّ حكمة في اوامر الله ونواهيه وهو يشرع مالا يستطاع ويأمر بما لايمتثل ؟ ان الدين في طبيعته دربة وامتحان.
دربة للعقل على التفكير السليم ودربة
للارادة على العمل الرضي ودربة للنفس على الصفات الفضلى. وامتحان لها كافة فيما يلقيه عليها من دروس ،