فهو ـ إذن ـ من
هذه الجهة كالأصول العمليّة ، إن بالغت قلت : إنّه برزخ بينها وبين الدليل ، وإن
حاولت الصدق قلت : إنّه أدون منها من عدّة جهات لا يثبت به حجّة ، ولا يهتدى به
إلى محجّة ، وأين هذا ممّا يحاوله الفقيه من التخصيص والتقييد للعمومات والإطلاقات
، والحكم بمؤدّاها عند وجودها ، والرجوع إلى الأصول لدى فقدانها؟ إلاّ أن يقرّر النتيجة
على وجه الكشف ، فإنّه على بعض وجوهه يهون به الخطب ، لكنّه دعوى فاسدة ما بنيت
إلاّ على أصل فاسد ، كما تعرفه في محلّه.
الخامس : تنحصر
التكاليف الفعلية عندهما فيما كان مؤدّى طرق مخصوصة ، وقد عرفت أنّها الكتاب
والسنّة وما يؤول إليهما ، فلا تكليف فعلي منجّز ليس بمؤدّى طريق شرعي.
أمّا صاحب (
الفصول ) فقد مرّ من كلامه ومن شرحه ما فيه الكفاية.
وأمّا صاحب (
الهداية ) فكلامه طافح به ما بين تصريح وتلويح ، وقد قال في أواخر الوجه الثاني
ما نقله الشيخ في خاتمة اعتراضاته على ( الفصول ) ويأتي ذكره ما هو صريح في أنّ
أحد التكليفين ـ أي : الواقع والطريق ـ منوط بالآخر مقيّد به.
وقال في أثناء
تقريب دليل الانسداد على الوجه المعروف ما لفظه : « وإن أريد به عدم اقتضائه ـ يعني
الاشتراك في التكليف ـ تعيّن تلك التكاليف علينا بحسب الواقع مع عدم إيصال الطريق
المقرّر في الظاهر للإيصال إليها فمسلّم .
وقال في أثناء
تقريب آخر لهذا الدليل ما نصّه : « فالحاصل أنّه لا تكليف بالأحكام الواقعية إلاّ
بالطريق الموصل إليها ، فيجدر القول بتكليفنا بالأحكام
__________________