ولم يقنع بذلك حتى جعله تخصيصا بلا مخصّص ، وأخذ بعده فيما لا مساس له بالمقام أصلا من الثواب بأشقّ الأعمال ونحوه مما أطال به المقال.
وأقول توضيحا لمراد الشيخ (١) وإن كنت في غنية عنه بما قدّمناه : أنّه لا شك في عدم مدخلية القصد في مناط حكم العقل بوجوب المقدمة بعد ثبوت عنوان المقدمية ، وهذا ممّا لا ينكره الشيخ ، بل يعترف به كما فصّله المقرّر في أول كلامه ، ولكنه يرى أنّ المقدّمات العبادية لا يثبت لها هذا العنوان ، ولا تكون مقدّمة بالحمل الشائع ، إلاّ بقصد الامتثال الملازم لقصد العنوان ، وقصد العنوان فيها لا يعقل بغير قصد الغير ، وقد سبق بيانه ، وما ذاك إلاّ مثل ما لو فرض أخذ الالتفات أو حضور القلب في مقدّمية الوضوء مثلا بحيث لا تكون مقدمة إلاّ بذلك ، أو فرض اعتبار الموالاة فيه مثلا ، فهل ترى من نفسك الاعتراض عليه بمثل قوله : « إنّ الوجوب لم يكن بحكم العقل إلاّ لأجل المقدّمية ، وعدم دخل الالتفات أو حضور القلب فيه واضح » (٢).
وأعجب من ذلك تعجّبه من شدّة إنكار الشيخ للمقدّمة الموصلة مع قوله بقصد الإيصال ، وأنّ جميع ما اعترض به على الموصلة وارد عليه (٣) ، وقد عرفت البعد الشاسع بين اعتبار الشيء في حقيقة المقدّمة وبين اعتباره في اتّصافها بالوجوب ، وما أوقع هذا الأستاذ ـ وهو من علمت ـ إلاّ قصور تقرير هذا المقرّر ، وقلّة تحصيله لمراد أستاذه ، وطالما (٤) أوقع بذلك أمثاله في أمثاله.
وبالجملة ما ذكره الشيخ (٥) حق بعد ثبوت المقدّمات المتقدمة ، ولكنك قد
__________________
(١) الأنصاري رحمه الله. ( مجد الدين ).
(٢) كفاية الأصول : ١١٤.
(٣) كفاية الأصول : ١١٥.
(٤) أي وطالما أوقع المقرر بقصور تقريره وقلّة تحصيله لمراد أستاذه هذا الأستاذ في أمثال المقام. ( مجد الدين ).
(٥) الأنصاري رحمه الله. ( مجد الدين ).