المقتضي والمانع ؛ لأنّ الشكّ في بقاء الوضوء إنّما يكون لأجل الشكّ في وجود المانع والرافع له كالنوم مثلا.
والصحيح : أنّ الوضوء من الأفعال التي لها استمراريّة ودوام ؛ لأنّ المقصود به الطهارة لا خصوص الغسل والمسح ، وعليه فيكون الشكّ متعلّقا بنفس ما تعلّق به اليقين ، أي أنّه تيقّن بالوضوء وشكّ في الوضوء أيضا.
وقد يستشكل أيضا بأنّه لما ذا لم يستصحب عدم النوم فإنّه أصل موضوعي مقدّم على استصحاب نفس الوضوء والذي هو مسبّب عن عدم النوم؟
والصحيح : أنّ الأصل السببي ليس حاكما ومقدما على الأصل المسبّبي دائما ، وإنّما إذا كانا متخالفين فقط دون المتوافقين ، وسيأتي تفصيل ذلك في باب التعارض.
وبهذا يظهر أنّ دلالة الرواية على الاستصحاب واضحة.
يبقى أنّ هذه الرواية هل تدلّ على الاستصحاب في باب الوضوء خاصّة أو أنّها تعمّ جميع الأبواب أيضا؟
وظهور التعليل في كونه بأمر عرفيّ مركوز يقتضي كون الملحوظ فيه كبرى الاستصحاب المركوزة لا قاعدة مختصّة بباب الوضوء ، فيتعيّن حمل ( اللام ) ـ في اليقين والشكّ ـ على الجنس لا العهد إلى اليقين والشكّ في باب الوضوء خاصّة.
وقد تقدّم في الحلقة السابقة (١) تفصيل الكلام عن فقه فقرة الاستدلال وتقريب دلالتها وإثبات كلّيّتها فلاحظ.
قد يستشكل على عموم هذه القاعدة بأنّها مختصّة بباب الوضوء استنادا إلى أنّ ( اللام ) للعهد لا للجنس ، حيث إنّ الإمام عليهالسلام ذكر « وإلا فإنّه على يقين من وضوئه » فاليقين هنا متعلّق بالوضوء ، ثمّ ذكر « ولا تنقض اليقين أبدا بالشكّ » فأشار إلى اليقين المذكور سابقا والمعهود بذكره اللفظي وأنّه يحرم نقضه بالشكّ ، فتكون الرواية دالّة على الاستصحاب في باب الوضوء فقط أو في باب الطهور لو حملنا الوضوء على الطهور ، وليس فيها دلالة على عموم القاعدة لكلّ الأبواب الفقهيّة.
والجواب عن ذلك : أنّ تعليله بالقول « ولا ينقض اليقين أبدا بالشكّ » إشارة إلى شيء مرتكز عند العقلاء ويبنون عليه في حياتهم العمليّة من عدم نقض ما هو متيقّن
__________________
(١) تحت عنوان : أدلّة الاستصحاب.