المشترك متنجّزا بالعلم المتقدّم ، فهذا غير تامّ في المقام ؛ لأنّ العلم المتقدّم ليس منجّزا لطرفيه ؛ وذلك بسبب اختلال الركن الثالث.
أي أنّ العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءين لا ينجّزهما ؛ وذلك بسبب تلف أحدهما قبل حدوث هذا العلم.
وقد تقدّم سابقا أنّ التلف كالاضطرار إذا حصل قبل العلم الإجمالي فهو يوجب سقوطه عن المنجّزيّة ؛ لاختلال الركن الثالث ، فإنّ الأصول الترخيصيّة لا تجري في الإناء التالف ؛ إذ لا موضوع لجريانها فيه ؛ ولأنّه لا أثر فعلا لجريانها فيه ، ولذلك يكون العلم الإجمالي المتأخّر الدائر بين نجاسة الإناء الموجود وبين الثوب الملاقي مع الإناء التالف منجّزا لكلا طرفيه ، ولا مانع من هذه المنجّزيّة ؛ لأنّ الأصول الترخيصيّة تجري في كلا الطرفين ويؤدّي جريانها كذلك إلى التعارض فتتساقط.
وأمّا التقريب الثاني : فكان تطبيق الطوليّة بين الأصلين الجاريين في الإناء والثوب ، وهذا لا يتمّ هنا ؛ لأنّ المفروض أنّ الإناء التالف لا تجري الأصول الترخيصيّة فيه ؛ إذ لا موضوع ولا أثر لجريانها ، وهذا يعني أنّها ساقطة فتجري الأصول الترخيصيّة في الثوب ، وتكون معارضة للأصول الترخيصيّة الجارية في الإناء الموجود ، ومقتضى التعارض التساقط.
وبكلمة ثانية : إنّ الطوليّة تقتضي عدم جريان المتأخّر مع جريان المتقدّم ، وهنا الأصل المتقدّم ساقط ؛ لأنّه لا موضوع ولا أثر له ، ومع سقوطه لن يكون هناك محذور في جريان الأصل المتأخّر ، ومع جريانه يتعارض مع الأصل في الإناء الآخر فيتساقطان.
ولكنّ الصحيح : أنّ التقريب الثاني يجري في هذه الحالة أيضا ؛ لأنّ تلف المائع الأوّل لا يمنع عن استحقاقه لجريان أصل الطهارة فيه ما دام لطهارته أثر فعلا ، وهو طهارة الثوب ، فأصل الطهارة في المائع الأوّل ثابت في نفسه ويتولّى المعارضة مع الأصل في المائع الآخر في المرتبة السابقة ، ويجري الأصل في الثوب بعد ذلك بلا معارض.
والصحيح في هذه الحالة أن يقال : إنّ التقريب الثاني وهو الطوليّة بين الأصلين يجري.