المعلومة إجمالا ، فلا يمكن أن يقال بأنّه يعلم بنجاسة في أحد هذين الإناءين ناشئة من الاستبعاد ، إذ الاستبعاد نفسه ليس سببا للنجاسة وليس من النجاسات أصلا.
وهذا فارق بين هذا النحو والنحو السابق ، حيث هناك كان السبب يقيّد ويخصّص المعلوم بالإجمال.
وعليه ، فإذا حصل العلم التفصيلي بنجاسة إناء معيّن انحلّ العلم الإجمالي حتما لانهدام الركن الثاني ؛ وذلك لأنّ المعلوم التفصيلي مصداق للمعلوم الإجمالي جزما حيث لم يتحصّص المعلوم الإجمالي بقيد زائد ، ومعه يسري العلم من الجامع إلى الفرد ، ويدخل في النحو الثاني من الأنحاء الأربعة المتقدّمة عند الحديث عن الركن الثاني.
وحينئذ نقول : إنّه إذا حصل لنا علم تفصيلي بنجاسة أحد الإناءين بعينه بسبب رؤية الكافر أو الكلب وهو يشرب منه ، فهل ينحلّ العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءين الناشئ من استبعاد مساورة الكافر أو الكلب لأحدهما؟
والجواب : أنّه ينحلّ لانهدام الركن الثاني من أركان منجّزيّة العلم الإجمالي ؛ لأنّ العلم بالجامع يسري إلى الفرد ؛ وذلك لأنّ المعلوم بالعلم الإجمالي وهو نجاسة أحدهما منطبق جزما على المعلوم بالعلم التفصيلي ، وهو نجاسة هذا بعينه لأنّ الفرد مصداق حتما للجامع ، أي أنّ نجاسة هذا بعينه مصداق لنجاسة أحدهما.
ولا يوجد في الجامع المعلوم بالإجمال أيّة خصوصيّة أو ميزة أو قيد كما هو المفروض ، فيكون هذا الفرد صالحا لانطباق الجامع عليه وانحلاله به ، فيكون نظير النحو الثاني من الأنحاء الأربعة المتقدّمة لسريان العلم بالجامع إلى الفرد.
كما إذا علمنا بوجود إنسان في المسجد ثمّ علمنا بوجود زيد في المسجد ، فينحلّ العلم الإجمالي لسريان العلم بالجامع إلى الفرد ؛ إذ لا خصوصيّة ولا قيد زائد يمنع من هذا السريان ، وبالتالي يكون الشكّ في وجود فرد آخر في المسجد بدويّا فتجري فيه الأصول الترخيصيّة.
وبتعبير آخر : إنّه قبل العلم التفصيلي بنجاسة أحد الإناءين بعينه كان العلم الإجمالي متساوي النسبة إلى الإناءين ؛ لأنّ الاستبعاد فيهما على نحو واحد ، فيكون تعيينه في أحدهما ترجيحا بلا مرجّح ، إلا أنّه بعد العلم التفصيلي بنجاسة أحدهما