وأمّا إذا كان تصوير الترخيص المشروط بنحو آخر فلا يلزم منه لا المخالفة العمليّة ولا الترخيص القطعي في المخالفة.
وهذا يتمّ فيما لو كانت أطراف العلم الإجمالي أكثر من اثنين ، فلو فرضنا العلم إجمالا بنجاسة أحد هذه الإناءات الثلاثة أمكن إجراء البراءة في كلّ طرف ، ولكن مشروط بترك الثاني وفعل الثالث لا ترك الثاني والثالث معا ، وحينئذ لن تتحقّق لا المخالفة العمليّة ولا المخالفة القطعيّة الاعتقاديّة.
أمّا أنّه لا تتحقّق المخالفة العمليّة فلأنّه إذا ارتكب اثنين فإنّه يبطل جريان الأصل في الثالث ؛ لأنّ شرطه وهو ترك الثاني وفعل الأوّل غير محقّق ، ولذلك لن تتحقّق المخالفة العمليّة بارتكاب الثلاثة ، بل إمّا أن يرتكب اثنين أو واحدا فقط ؛ لأنّ البراءة تجري في الأوّل مع تركه للثاني وفعله للثالث ، وتجري في الثاني ؛ لأنّه فعل الثالث وترك الأوّل ، ولكنّها لا تجري في الثالث ؛ لأنّه قد فعل الأوّل والثاني ولم يترك شيئا منهما.
وأمّا أنّه لا تتحقّق المخالفة في الالتزام والاعتقاد فلأنّه لو ترك الجميع فلن يتحقّق شرط جريان البراءة في كلّ من الأطراف ؛ لأنّ الشرط مركّب من فعل وترك ، وكذا لو ارتكب كلّ الأطراف فلا تجري البراءة في شيء منها لعدم تحقّق الشرط ، وهذا يعني أنّ القطع والترخيص في كلّ الأطراف لن يتحقّق أبدا فلا محذور إذن.
الثاني : ما ذكره السيّد الأستاذ أيضا ، من أنّه إذا أريد إجراء الأصل مقيّدا في كلّ طرف فهناك أوجه عديدة للتقييد ، فقد يجري الأصل في كلّ طرف مقيّدا بترك الآخر ، أو بأن يكون قبل الآخر أو بأن يكون بعد الآخر ، فأي مرجّح لتقييد على تقييد؟
الجواب الثاني : ما ذكره السيّد الخوئي أيضا من أنّ التقييد الذي ذكره المحقّق العراقي لا موجب له ، إذ كما يمكننا رفع اليد عن المخالفة القطعيّة العمليّة بما ذكره من تقييد ، أي تقييد جريان البراءة في أحد الطرفين مشروطا بترك الطرف الآخر ، كذلك يمكننا ذلك بنحوين آخرين :
أحدهما : أن يقال : إنّ دليل البراءة مقيّد بأن يكون جريانها في كلّ طرف قبل ارتكاب الطرف الآخر ، فهنا إذا جرت البراءة في الطرف الأوّل لا تجري في الطرف