اقتضاء الحرمة لبطلان المعاملة
وتحلّل المعاملة إلى السبب والمسبّب ، والحرمة تارة تتعلّق بالسبب وأخرى بالمسبّب.
فإن تعلّقت بالسبب فالمعروف بين الأصوليّين أنّها لا تقتضي البطلان ، إذ لا منافاة بين أن يكون الإنشاء والعقد مبغوضا وأن يترتّب عليه مسبّبه ومضمونه.
المبحث الثاني : في اقتضاء النهي عن المعاملة للبطلان.
وهنا المعاملة يمكن تحليلها وتقسيمها عقلا إلى السبب والمسبّب. وعليه ، فالنهي تارة يتعلّق بالسبب وأخرى يتعلّق بالمسبّب.
والمراد من السبب هو الإنشاء والعقد وما يكون سببا شرعيّا لترتّب الأثر الشرعي المطلوب من المعاملة. والمراد من المسبّب هو الأثر الشرعي المطلوب ترتّبه على السبب ، فهنا مطلبان :
المطلب الأوّل : فيما إذا تعلّق النهي عن السبب ، كما إذا قيل بحرمة البيع يوم الجمعة وقت النداء للصلاة ؛ استنادا إلى قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ )(١). فهنا النهي متعلّق بالإنشاء وإيجاد السبب وهو عقد البيع ، فهل يقتضي هذا النهي ـ على فرض كونه تحريميّا ـ فساد المعاملة لو أنشأها حال النداء أم لا؟
المشهور بين الأصوليّين وهو الصحيح أيضا أنّ النهي عن السبب لا يقتضي بطلان المعاملة ؛ لأنّه يمكن أن يكون السبب مبغوضا ، ومع ذلك يحكم بصحّته ونفوذه وترتّب الأثر الشرعي المطلوب منه ؛ إذ لا ملازمة بين مبغوضيّة السبب ومبغوضيّة المسبّب لإمكان التفكيك بينهما.
__________________
(١) الجمعة : ٩.