ثمّ إنّ هذه القيود ـ الراجعة إلى الحكم أو إلى الواجب ـ إمّا أن تكون متقدّمة أو تكون مقارنة ، فالقيد المتقدّم على الحكم والوجوب من قبيل هلال شهر رمضان فإنّه قيد متقدّم على وجوب الصوم ؛ لأنّه قبل تحقّق الهلال بإحدى الطرق الشرعيّة كالرؤية والبيّنة والشياع ... إلى آخره لا وجوب للصوم ، ممّا يعني أنّ هذا القيد بمثابة العلّة للوجوب ، فإذا تحقّق الهلال صار الصوم واجبا ، ولكنّه لا يبدأ من حين ثبوت الهلال ، بل من حيث طلوع الفجر ، وهكذا الحال بالنسبة لقيديّة الاستطاعة بالنسبة لوجوب الحجّ ، فإنّها قيد متقدّم للوجوب ، والوجوب لا يبدأ إلا من حين اليوم الثامن من ذي الحجّة.
وأمّا القيد المقارن للحكم : فهو من قبيل زوال الشمس بالنسبة إلى الصلاة ، فإنّه لا وجوب للصلاة قبل الزوال ، فإذا زالت الشمس تحقّق الوجوب في نفس الآن الذي يحدث به الزوال ، فبالزوال يتحقّق القيد والمقيّد معا ولا تفاوت بينها من ناحية الزمان وإن كان هناك اختلاف بينهما في الرتبة ؛ لأنّ القيد متقدّم في الرتبة على المقيّد ، وإن كانا متّحدين في الزمان أو متقارنين معا ، كما هو الحال في تحقّق الانفتاح عند فتح الباب بالمفتاح ، فإنّ عمليّة إدارة المفتاح باليد مقارنة لانفتاح الباب.
وهكذا أيضا بالنسبة لطلوع الفجر وصلاة الصبح ، فإنّ طلوع الفجر قيد مقارن للوجوب أي لوجوب صلاة الصبح.
وأمّا القيد المتقدّم على الواجب فهو من قبيل الوضوء بناء على كون الصلاة مقيّدة بالوضوء لا بحالة مسبّبة عن الطهارة ، فإنّه بناء على كون الصلاة مقيّدة بالوضوء فيكون الوضوء قيدا متقدّما على الواجب ؛ لأنّه يحصل قبل الصلاة وينتهي قبلها أيضا ؛ لأنّ الوضوء عبارة عن الغسلات والمسحات وهي أفعال تحدث وتنتهي ، وليس الوضوء هنا قيدا للوجوب ؛ لأنّ وجوب الصلاة يبدأ من حين الزوال كما هو واضح.
نعم ، لو قلنا بأنّ الصلاة مقيّدة بالحالة المسبّبة عن الوضوء وهي الطهارة فهنا تكون الطهارة شرطا مقارنا للواجب ؛ لأنّ هذه الحالة التي تحدث عن الوضوء تبقى موجودة حال الصلاة ؛ لأنّه لا تجوز الصلاة مع الحدث ولا تصحّ إلا مع الطهارة.
ومن قبيل قيديّة الوضوء أو الغسل بالنسبة للطواف ؛ لأنّه كالصلاة ، ومن قبيل