(
لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَٰؤُلَاءِ يَنطِقُونَ )
، وبهذا حقّق إبراهيم عليهالسلام
المقدّمة التامّة التي بنى عليها قوله بعد ذلك : (
أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ *
أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ )
، فأين الكذب إذن ؟!
ثمّ كيف يجوز على من اصطفاه الله لتبليغ
رسالته أن يكذب ولو في غير التبليغ ؟
إنّ العقل السليم يمنع من ذلك لما فيه
من نفرة الناس عمّن يكذب ، وسلب الوثوق بما يدّعيه ، وعدم اطمئنانهم بإخباره.
ومن ثمّ فإنّ الكذب قبيح في نفسه ولا
يجوز على الأنبياء عليهمالسلام
كلّ قبيح ، ومن العجب أن يدّعي الطبري عدم استحالة إذن الله عزّوجلّ لإبراهيم في الكذب ، ليقرع قومه به ! كما نقلناه عنه فيما تقدّم ، إنّه تخرّص باطل ؛ إذ لو
أذِن الله لأحد في الكذب لكان الكذب حسناً وهو محال ، الأمر الذي يجب معه القطع على أن خبر تكذيب الأنبياء عليهمالسلام
كإبراهيم ويوسف صلوات الله عليهما ، لا أصل له وإنّما هو من افتراء أبي هريرة وغيره من رواة تلك الأكذوبة ، كما يجب تنزيه الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله
عن نسبة ذلك لإبراهيم ، لأنّه صلىاللهعليهوآله
أعرف بما يجوز على الأنبياء وما لا يجوز من كل أحد.
ويلاحظ هنا انّ تلك الكذبات المنسوبة
إلى إبراهيم عليهالسلام
زوراً قد اتّصفت بخصلتين عند مخطئي الأنبياء عليهمالسلام
، وهما :
الأولى :
إنّها كانت ـ كما مرّ ـ كلّها في ذات الله عزّوجلّ لهداية قومه.
الثانية :
احتمال إذن الله عزّوجلّ له في تلك الكذبات لمصلحة في الدين ،
___________