وربما يقال : إنّه عليهالسلام قال لسارة ذلك قبل أن يلتقي بلوط عليهالسلام ويتعرّف عليه ، وهو ليس بشيء إذ لا يمكن للعاقل نفي وجود شيء ما لم يعلم بعدمه فكيف بإبراهيم عليهالسلام وهو سيد العقلاء في زمانه ؟ ولو صح ما قيل لقال إبراهيم عليهالسلام لسارة : يا سارة إنّي لا أعلم بوجود مؤمن غيري وغيرك ، لا أن يقول : ( يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك ) ، الأمر الذي يؤكّد كذب الخبر بجميع طرقه.
ثمّ أين ذهب أبوا إبراهيم عليهالسلام ، وقد ثبت عقلاً وشرعاً أنّ آباء الأنبياء عليهمالسلام وأُمهاتهم لا يكونوا إلّا مؤمنين ، وأما ما ورد في القرآن الكريم من محاورة إبراهيم مع آزر الذي انخدع من انخدع فظنه أبا إبراهيم عليهالسلام حقيقة فهو ليس كذلك ، لأن اسم أبي إبراهيم هو ( تارخ ) وأما ( آزر ) الكافر فهو عم إبراهيم عليهالسلام ، لكن سمّاه الله تعالى أباً ، نظير قوله تعالى : ( أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) (١).
ومن الواضح أنّ إسماعيل هو عمّ يعقوب عليهماالسلام.
ومن نظائر تسمية غير الأب أباً في القرآن الكريم قوله عزّوجلّ في قصة يوسف الصدّيق عليهالسلام : ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ ) (٢) والمراد : أبوه وخالته ، لأنّ أُمّه قد ماتت وهو صبي بلا خلاف.
هذا فضلاً عن وجود المؤمن من آل لوط ما عدا امرأته كما يفهم من قوله تعالى : ( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ
___________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٣٣.
(٢) سورة يوسف : ١٢ / ١٠٠.