وهكذا أخفقت ثورة التوابين في تحقيق أهدافها وتحطّمت قوتها الأساسية في (عين الوردة) للأسباب التالية :
١ ـ الاختلال الظاهر في ميزان القوى بين الجيش الأموي والتوابي ، حيث كان عدد أفراد الجيش التوابي ، أربعة آلاف ، أو أقل. في حين تجاوز تعداد الجيش الأموي العشرين ألفا (١) وهناك تقديرات أخرى تشير إلى أن الجيش الأموي بلغ الستين ألفا (٢).
هذا مع عدم وفاء بعض القبائل العربية بعهودها لقاء الثورة بسبب الضغوط الأموية أو بسبب رشوتهم. حيث قيل أن عدد متطوعي ثورة التوابين ارتفع إلى نحو عشرين ألفا ، قبل الشروع في المعركة ، في حين أن الذين اشتركوا مشاركة فعلية في تلك المعركة قدر عددهم بأربعة آلاف ، أو أقل بكثير.
٢ ـ عدم قضاء الثوار على زعماء الكوفة ، والموالين للأمويين والذين قد شاركوا مشاركة فعلية في قتل الإمام الحسين عليهالسلام وأهل بيته وأنصاره ، أولئك الزعماء ، باتوا يعملون المستحيل للحيلولة دون التحاق المزيد من الثوار بحركة سليمان بن صرد.
٣ ـ عدم تعاون الثوار مع ابن الزبير والذي كان يسعى هو الآخر للإطاحة بالأمويين أيضا. إذ كان من الممكن أن يمدّهم بشيء من أسباب الانتصار كما انهم لم يتحالفوا مع المختار ، كما يقتضي الحال بوحدة هدفهم (الأخذ بثار الإمام الحسين) ، والحق أننا لم نقف على سبب يحول دون تحقيق ذلك التحالف ، وبإمكاننا أن نعلّل ذلك بتأثير جماعة سليمان بما روّجه الأمويون
__________________
(١) البداية والنهاية / ابن كثير ٨ : ٢٥١ ، ابن الأثير ٨ : ٢٥٢.
(٢) الطبري ٥ : ٥٨٣ ، تاريخ خليفة ١ : ٣٣١.