يترقبون نزول الآيات
ويتلهفون لها ، فإذا ما سمعوها من فم الرسول استشرقت لها صدورهم ، والتفوا جماعات جماعات يحفظونها ويتبادلون الحديث في معانيها ، مع ما يأخذونه من الرسول نفسه من معانيها وأحكامها. كل ذلك كان في زمن امتازت به بيئة القرآن بقوة الحافظة والتفاخر فيها ، فكانت الحافظة عندهم بديلاً عن الكتابة ، حتى جاء القرآن الكريم فسارت الكتابة إلى جنب الحافظة ، تصون إحداهن الأخرى وتقويها وتؤكدها.
« وكان شعار الاسلام وسمة المسلمين
حينئذٍ التجمّل والتكمّل بحفظ ما ينزل من القرآن الكريم ، لكي يتبصّر بحججه ، ويتنوّر بمعارفه وشرائعه وأخلاقه الفاضلة ، وتاريخه المجيد ، وحكمته الباهرة ، وأدبه العربي الفائق المعجز. فاتخذ المسلمون تلاوته لهم حجّة الدعوة ، ومعجزة البلاغة ، ولسان العبادة لله تعالى ، ولهجة ذكره ، وترجمان مناجاته ، وأنيس الخلوة ، وترويح النفس ، ودرساً للكمال ، وتمريناً في التهذيب ، وسلّماً للترقي ، وتدرباً في التمدّن ، وآية الموعظة ، وشعار الاسلام ، ووسام الايمان والتقدم في الفضيلة » .
لكل هذا كان حفظ القرآن وتلاوته شغل
الصحابة وعبادتهم المفضلة بعد الفرائض ، فقد «كان لمسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله
ضجّة بتلاوة القرآن ، حتى أمرهم الرسول أن يخفضوا أصواتهم لئلّا يتغالطوا » .
_______________________