وكانت النتيجة أن خاض النبي بعد هجرته إلى المدينة (٧٤) معركةً بين غزوةٍ وسريةٍ طوال عشر سنوات (١) ، وقد قامت هذه الحروب على سيوف وأشلاء الأنصار.
ويمكن القول بأن انتصار الإسلام وانتشاره كان في ظلّ جهود الأنصار ، وهو الاسم الذي أطلقه عليهم النبي صلىاللهعليهوآله وذلك لمواقفهم ونصرتهم للدين.
إن الإسلام كان يأخذ بالتزايد يوماً بعد آخر ، فقد أدرك البعض عظمة الإسلام فاتخذه ديناً له ، وأسلم آخرون حين شعروا باقتداره ، أو لما كانوا يرون من مصالح تتحقق عبر اعتناق هذا الدين.
وفي السنة الثامنة من الهجرة فتحت مكة على يد المسلمين ، وبسط الإسلام نفوذه في الجزيرة العربية ، عندها لم يجد أهل مكة حيلةً سوىٰ دخول هذا الدين بعد أن وقفوا حيارى أمام عظمة الجيش الإسلامي (٢).
في هذا الوقت بلغ عدد المسلمين الذروة من الناحية الكمية ، وخلافاً للجانب الكيفي ، فلم يكن هناك سوىٰ ثلّةٍ آمنت من الأعماق واستسلمت لأمر ربها ونبيها ، وفي المقابل نجد كماً كبيراً من مسلمي المصالح.
__________________
(١) الطبقات الكبرىٰ ٢ : ٥ ـ ٦ ( ٢٧ غزوة و ٤٧ سرية ).
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٦٠ ( وأسلمت قريش طوعاً وكرهاً ).